الجِلباب
المجموعات : الألبسة

الجلباب

الأصل في هذه المادّة التّغطية، و منه الجلباب، و هو قميص أو ملحفة أو خمار تغطّي به المرأة رأسها و صدرها، و الجمع: جلابيب، يقال: تجلببت المرأة، أي لبست الجلباب، و جلببه إيّاه: ألبسه الجلباب. و الجلباب: اسم على وزن «فعلال»، مثل: قنطار و شملال، و الجلببة: مصدر على وزن «فعللة» و هو ملحق بما جاء على هذا الوزن، مثل: دحرجة و زلزلة.

و زعم «آرثر جفري» أنّ الجلباب مفردة قديمة معرّبة، لأنّها استعملت في الشّعر العربيّ القديم. و اعتبره «نولدكه» لفظا حبشيّا، يعني الرّداء و اللّبّادة، رغم اعترافه بوروده في النّصوص القديمة كثيرا. و يبدو أنّ اختلاف اللّغويّين في وصف الجلباب قد أغرى المستشرقين باعتساف هذا القول، بيد أنّهم اتّفقوا جميعا على كونه غطاء، يختلف وصفه و حاله باختلاف المكان و الزّمان، كاختلافهم في وصف الإبريق، و اتّفاقهم جميعا على أعجميّته.

قال تعالی:«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»[1]

يبدو أنّ للآية علاقة بما كان المنافقون يؤذون به المؤمنات، و هذا ما قاله الطّبرسيّ من أنّهم كانوا يؤذون الإماء، لأنّهنّ كنّ مكشوفات الرّؤوس و الجباه، و كانوا قد يعترضون للحرائر، و ادّعوا أنّهم حسبوهنّ إماء، فأمر اللّه الحرائر بإدناء جلابيبهنّ، ليعرفن أنّهنّ حرائر، فلا يؤذين، حسما لكيد المنافقين. و قال النّيسابوريّ: «كانت النّساء في أوّل الإسلام على عادتهنّ في الجاهليّة مبتذلات يبرزن في درع و خمار، من غير فصل بين الحرّة و الأمة، فأمرن بلبس الأردية و الملاحف، و ستر الرّأس و الوجوه».

اتّفقت كلمة المفسرین في أنّ الجلباب ما يستر المرأة، و اختلفت في وصفه هل هو مقنعة، أو خمار أو رداء يستر من فوق إلى أسفل، أو الثّياب و القميص و الخمار و ما تستتر به المرأة، أو الملاءة الّتي تشتمل بها المرأة فوق الدّرع و الخمار، أو هو ثوب واسع أوسع من الخمار و دون الرّداء، تلويه المرأة على رأسها، و تبقي منه ما ترسله على صدرها، أو ثوب أكبر من الخمار، أو الثّوب الّذي يستر جميع البدن، أو القميص، و ثوب واسع دون الملحفة، و الملحفة: ما ستر اللّباس و الخمار، و هو كلّ ما غطّى الرّأس، أو كلّ ما يستر به من دثار و شعار و كساء فهو جلباب، أو هو مردّد بين ما يشمل جميع البدن، أو الخمار الّذي يغطّي الرّأس و الوجه، أو الجلابيب مختلفة باختلاف أحوال النّساء و العادات. و لعلّ الاختلاف في توصيف الجلابيب نشأ من اختلاف العادات، حسب الأزمنة و الأمكنة، و لكن المدار على ما كان معمولا عند نزول الآية، و لا عبرة بما شاع منها بعدها في البلاد. و قد نشأ من اختلافهم في «جلباب» اختلافهم في حدّ ما يجب على المرأة ستره من بدنها، فمن قال: إنّه الخمار و المقنعة و نحوهما أوجب ستر الرّأس و الوجه، و من قال: إنّه ثوب شامل للبدن يلبس فوق الثّياب كالرّداء، فأوجب ستر البدن دون الوجه.[2]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 695

 

[1]الأحزاب: 59

[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 695