زكريّا عليه السّلام
هو زكريّا، و قيل: زكرى، و زاخاي- باللغة العبرانية- ابن برخيا، و قيل: دان، و قيل: لدن، و قيل: أدق، و قيل: بشوى، و قيل: أيم بن مسلم بن صدوق بن حشبان ابن داود بن سليمان بن مسلم؛ من ذرية لاوي ابن نبيّ اللّه يعقوب عليه السّلام.
و قيل: هو زكريا بن برخيا بن نشوى بن نحرائيل بن سهلون بن أرسو بن شويل بن نقود بن موسى بن عمران عليه السّلام. من أنبياء بني إسرائيل، و أحد عباد اللّه الصالحين، و من أشراف قومه، عرف بالتقوى و الزهد و طهارة النفس.
كان عالما بالتوراة و الإنجيل، و أعلم علماء بيت المقدس، و تخرّج على يديه أربعة آلاف عالم قارئ للتوراة.
كان نجّارا، و يأكل من كسب يده، و كان أبوه من الأحبار الاثني عشر الذين سجنوا في بابل ثم أطلق سراحهم، و عادوا إلى فلسطين.
تولّى رئاسة الرهبان و الأحبار- الإسرائيليين- ببيت المقدس، و كان من خدّام و سدنة معبد هيكل سليمان، فكان يستلم النذور و الهدايا المقدّمة إلى المعبد.
تولّى تربية مريم بنت عمران عليها السّلام، بعد أن نذرت أمّها بأن تجعلها من خدّام معبد هيكل سليمان، فقام بأمرها في المعبد على أحسن وجه.
كان زوج خالة مريم عليها السّلام، و قيل: زوج أختها، و كانت تدعى إيشاع أو اشباع، و قيل: اليصابات، و قيل: اليزابت بنت عمران بن ماثان، و كانت عاقرا، فلمّا كبر سنّه و شاب رأسه و ابيضّت لحيته يئس من زوجته أن تلد له ولدا يرثه و يستخلفه على بني إسرائيل من بعده، فلجأ إلى الدعاء و التضرّع إلى اللّه ليرزقه ذريّة طيّبة تقوم مقامه، فيذهب من الدنيا و هو مطمئن على قومه.
فجاءت المعجزة الإلهيّة، و أتاه الوحي بأن يمسك عن الكلام مع الناس ثلاثة أيام لا يكلّمهم إلّا رمزا، فحملت زوجته بيحيى عليه السّلام، و كان عمره يومئذ 77 سنة، و قيل:60 سنة، و قيل: 65 سنة، و قيل: 75 سنة، و قيل: 70 سنة، و قيل: 85، و قيل:120، و عمر زوجته حينذاك 98 سنة.
حملت زوجته بيحيى عليه السّلام؛ في الوقت الذي كانت مريم عليها السّلام حاملا بعيسى عليه السّلام.
ولد يحيى عليه السّلام على رأس ستة أشهر.
و لشدّة عطفه على مريم عليها السّلام و سعيه في تربيتها أفضل تربية اتّهمه أشرار و سفهاء قومه بارتباطه غير المشروع معها، و رموه بالفاحشة ظلما و عدوانا، و زعموا باطلا بأنّ حملها بعيسى عليه السّلام كان منه.
بعد إشاعة تلك التهمة بين الإسرائيليّين خاف من بطشهم و شرورهم، فانتقل إلى بستان و دخل في شجرة و اختفى فيها، فعلم أشرار قومه بمخبئه، و جاءوا إليه و قطعوا الشجرة إلى نصفين و هو بداخلها، فانقسم إلى شطرين و مات شهيدا في سبيل اللّه.
دفن في بيت المقدس، و له فيه مرقد يزار.
و كان عمره يوم شهادته 99 سنة، و قيل: 100 سنة، و قيل أكثر من ذلك، و يقال: إنّه مات موتا طبيعيا.
القرآن العظيم و زكريا عليه السّلام :
شملته الآية 61 من سورة البقرة: وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ ....
و الآية 87 من نفس السورة: فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ.
و جاء ذكره في الآية 37 من سورة آل عمران: وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا ....
و الآية 38 من نفس السورة: هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ....
و الآية 85 من سورة الأنعام: وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ.
و في سورة مريم نزلت فيه بعض الآيات، و هي:
الآية 2: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا.
و الآية 4: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ....
و الآية 5: وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ....
و الآية 6: يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ....
و الآية 7: يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ....
و الآية 8: قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ....
و الآية 10: قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ....
و الآية 11: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ....
و جاء ذكره في الآية 89 من سورة الأنبياء: وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً ....[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 397-399
[1]أعلام القرآن، ص 397-399