تبّع

تبّع

تبّع: لقب ملوك الدولة الحميريّة الثانية في اليمن، و كان عددهم سبعين تبّعا، و سمّوا تبّعا لكثرة أتباعهم، و قيل: سموا بذلك لأن الأخير منهم كان يتبع الأوّل في الملك. و أشهر التبابعة- هو تبّع الأوسط- أبو كرب، و قيل: أبو كريب أسعد بن ملكيكرب، و قيل: مليكرب الحميري، القحطاني، اليماني، و هو الذي ذكر في القرآن الكريم، و قيل: هو زيد بن همال الحميري، و قيل: هو حسان بن أسعد الحميري، و قيل:غير ذلك.

فالمذكور في القرآن الكريم من التبابعة كان ملكا قويّ الشكيمة، واسع النفوذ، أديبا شاعرا فصيحا، محبّا للعلم و العلماء، فكان يجلب العلماء و المفكرين إلى بلاطه ليستفيد من علومهم و معارفهم. كان مؤمنا موحّدا للّه، و كان على طرفي نقيض مع قومه الّذين كانوا يعبدون الأصنام من دون اللّه، و هناك الكثير من المحققين يعتقدون بأنّ اللّه بعثه إلى قومه لهدايتهم و إرشادهم. قام بحروب و غزوات كثيرة حتى انتهى إلى سمرقند، و قيل: إلى الهند، و افتتح بلاد الشام، و مرّ بمكّة، و أمر بإكساء الكعبة، فكان أوّل من كساها.

حارب قبائل جديس باليمامة بعد أن استولوا على طسم.

كان في أوّل أمره غلاما يكتب للملك الذي كان قبله، و كان إذا كتب افتتح باسم اللّه الذي خلق صبحا و ريحا، فكان الملك يعترض و يقول: اكتب و ابدأ باسم ملك الرعد، فكان المترجم له يقول: لا أبدأ إلّا باسم إلهي ثم أعطف على مطالبك. فشكر اللّه عزّ و جل له ذلك، فأعطاه ملك ذلك الملك، فصار ملكا أو تبّعا من ملوك أو تبابعة اليمن. كان على دين موسى بن عمران عليه السّلام، و كان قد سمع من رهبان اليهود بأنّه سيبعث نبيّ في الحجاز يدعى محمّدا، فآمن بالنبي صلّى اللّه عليه و آله قبل مبعثه بمئات السنين، و كان يقول للأوس و الخزرج: كونوا في مكّة حتى يخرج النبي محمّد صلّى اللّه عليه و آله، أما أنّا فلو أدركته لخدمته و لخرجت معه ناصرا له.قال النبي صلّى اللّه عليه و آله في حقه: لا تسبّوا تبّعا فإنّه كان قد أسلم.

الفترة الزمنيّة التي عاشها المترجم له كانت حوالي القرن الرابع أو الخامس قبل ميلاد السيّد المسيح عليه السّلام، و اتّخذ من مدينتي ظفار و مأرب عاصمتين لمملكته. و بعد أن حكم 326 سنة- و لم يكن في حمير أحد حكم أطول مدّة منه- ثار عليه جماعة من قومه- حمير- فقتلوه، و قيل: قتل على يد أخيه عمرو.

القرآن العظيم و تبع :

غزا تبّع في أيّامه يهود المدينة، و خلّف فيهم الأوس و الخزرج، فلمّا تكاثروا بها أخذوا يتناولون أموال اليهود، فكان اليهود يقولون لهم: أما لو بعث محمّد صلّى اللّه عليه و آله لنخرجنّكم من ديارنا و أموالنا، فلما بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله آمنت به الأوس و الخزرج، و كفرت به اليهود، فحكت الآية 89 من سورة البقرة ذلك: «وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ..».

و نزلت فيه و في قومه الآية 37 من سورة الدخان: «أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ..».

و نزلت في قومه الآية 14 من سورة ق: «وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌ كَذَّبَ الرُّسُلَ ..».[1]

المنبع:

أعلام القرآن، ص203

 

[1]أعلام القرآن، ص203