المسجد
المسجد: موضع السُّجودِ.[1] قال الراغب: الْمَسْجِد: موضع الصلاة اعتبارا بالسجود.[2] و قال الخلیل: المسجد اسم جامع يجمع المسجد و حيث لا يُسْجَدُ بعد أن يكون اتخذ لذلك، فأما المَسْجَد من الأرض فموضع السُّجُود نفسُه.[3] و المسجد: مُتعبَّد المسلمين. الجمع: مَساجد.[4]
استعملت کلمة المسجد فی سبعة مواضع و المساجد فی ستة مواضع من القرآن الکریم. قال الدامغانی: تفسير المسجد على سبعة أوجه :
مكة؛ قوله تعالى: «و المسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء»[5] .
المسجد الحرام؛ قوله سبحانه و تعالى: «ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله» [6]
مسجد قباء؛ قوله تعالى: «لمسجد أسس على التقوى» [7] .
مسجد الضرار خاصة؛ قوله تعالى: «و الذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا»[8] .
سائر المساجد؛ قوله تعالى: «لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا»[9]
أعضاء الساجد؛ قوله تعالى: «و أن المساجد لله» [10] يعنى أعضاء الساجد.[11]
يمثل المسجد قلب المجتمع الإسلامي وأهمّ قاعدة ثقافية وسياسية للحكومة الدينية، ولذلك نجد الروايات تدعو المسلمين إلى الارتباط بهذا المركز...وتؤكّد على نشر ثقافة بناء المساجد في المجتمع الإسلامي؛ وذلك لما للمسجد من دورٍ مصيريّ في سيادة القيم الدينية. وبإمكاننا القول بأنّ كيفية عمارة المسجد تتبع الحاجة والظروف الزمانية والمكانية، إلّاأنّه يمكننا استنباط بعض الامور باعتبارها اصول ثقافة العمارة الإسلامية للمساجد: کالأخذ بنظر الاعتبار حاجة الأجيال القادمة، و رعاية البساطة، و ذم تقليد معابد غير المسلمين.
ثم للمسجد احترام خاصّ في الإسلام باعتباره المركز الخاصّ لارتباط الإنسان باللَّه، ويسمّى بيت اللَّه ومن أجل أن يتحوّل احترام المسجد إلى ثقافة عامّة بين أفراد المجتمع الإسلامي فضلًا عن الأحكام والآداب الخاصّة التي قرّرت في الإسلام للارتباط بهذا المكان...کطهارة الروح والجسم والثياب، والاستعاذة والدعاء عند دخول المسجد والخروج منه، وأداء صلاة التحية، والجلوس مستقبلًا القبلة، وعدم التسرّع في الخروج منه، وغير ذلك.
ليس لبناء المسجد من هدفٍ سوى حضور الناس فيه، والانتفاع ببركاته، وبناءً على ذلك فإنّ نشر ثقافة الحضور في المساجد وخصوصاً للشباب، يتصدّر كل جهود المهتمّين بتعميق القيم الإسلامية ونشرها، ويبلغ اهتمام الروايات الإسلامية بهذه الثقافة حدّاً بحيث إنّها تفسّر الإعمار الحقيقي للمساجد بحضور الناس فيها كما جاء في حديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إذا رَأَيتُمُ الرَّجُلَ يَعتادُ المَسجِدَ فَاشهَدوا لَهُ بِالإيمانِ، قالَ اللَّهُ تَعالى : «إِنَّما يعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ» وممّا لا شك فيه فإنّ تفسير عمارة المسجد بارتياده والتواجد فيه في هذه الرواية يعتبر إشارة إلى حقيقة مهمّة جدّاً وهي أنّ بناء المساجد وإعمارها إن لم يكن مصحوباً ببرنامج منظّم يحثّ الناس على الحضور فيه فهو لا يعتبر إعماراً حقيقيّاً في المنظار الإسلامي.
یختصّ بعض المساجد بفضائل أكثر من غيرها؛ مثل المسجد الحرام الذي يضمّ الكعبة قبلة المسلمين، ومسجد النبيّ صلى الله عليه و آله الذي هو أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، والمسجد الأقصى. كما أنّ المسجد من شأنه أن يكون قاعدةً للنور والهداية والارتباط الجماعي باللَّه تعالى، فإنّ من الممكن أيضاً أن يستغلّه أعداء الإسلام سياسيّاً وثقافيّاً لتحقيق أهدافهم، ولذلك سُمّي المسجد الذي بُني في صدر الإسلام لتحقيق أهداف أعداء الإسلام بمسجد ضرار وقد هدم بأمرٍ من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. ولذلك فإنّ على المسلمين أن يتحلّوا بالوعي واليقظة ولا ينخدعوا بالأشخاص الذين يجعلون المسجد فخَّ أهدافهم غير الإلهيّة.[12]
المنابع:
كتاب العين، ج 6، ص 49
الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 296
مفردات ألفاظ القرآن، ص 396
الوجوه و النظائر لالفاظ كتاب الله العزيز، ج 2، ص 242
رسالة المسجد (للریشهري)، ص 9
[1]الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 296
[2]مفردات ألفاظ القرآن، ص 396
[3]كتاب العين، ج 6، ص 49
[4]الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 296
[5]سورة الحج: 25
[6]سورة التوبة: 17
[7]سورة التوبة: 108
[8]سورة التوبة: 107
[9]سورة الحج: 40
[10]سورة الجن: 18
[11]الوجوه و النظائر لالفاظ كتاب الله العزيز، ج 2، ص 242
[12]رسالة المسجد (للریشهري)، ص 9 مع تلخیص و تصرف.