الشمس
الشَّمْسُ يقال للقرصة و للضّوء المنتشر عنها و تجمع على شُمُوس .[1]
لقد اتضح لنا اليوم تقريبا أن الشمس عبارة عن كرة، وأنها أكبر من الأرض بمليون وثلاثمائة الف مرة، أي لو كانت الشمس مقعرة الوسط لكان من الممكن أن تستوعب مليونا وثلاثمائة الف كرة أرضية وتتضح هذه العظمة المذهلة من خلال التأمل في قطر الشمس عند الوسط الذي يقرب من مليون وأربعمائة الف كيلومتر. وتبلغ الفاصلة بيننا وبينها 150 مليون كيلومترا تقريبا، وأن نورها الذي يقطع طريقه بسرعة 300 الف كيلومتر في الثانية يصل إلينا خلال 8 دقائق تقريبا.
إن جرم الشمس العظيم يؤدي إلى زيادة وزن الأشياء فيها، فمثلا إن الإنسان الذي يبلغ وزنه 60 كيلوغراما على سطع الأرض سيكون وزنه 1500 كغم فيما إذا كان على سطح الشمس. وأخيرا فهم يقدرون عمر الشمس منذ تكونها بشكلها الحالي بما يقارب 5 مليارات سنة. إن للشمس ثلاثة انواع من الحركة تقريبا، حركة حول نفسها كل 25 يوما مرة واحدة تقريبا، وحركة مع المنظومة الشمسية في قلب المجرات نحو الصورة الفلكية (الجاثي) حيث تبتعد عن مكانها أكثر من 600 كم كل ساعة، وحركة حول مركز المجرات، وتدور حول هذا المركز خلال هذه الحركة مرة واحدة كل 250 مليون سنة.
أما حرارة سطح ومركز الشمس فهي عجيبة للغاية، وتبين حسابات العلماء أن حرارة سطح الشمس تعادل 6000 سانتغراد تقريبا، ولا تحصل هذه الحرارة على الأرض في أي مختبر أو فرن أبدا، ودليل ذلك واضح جدا لأن جميع المواد بطيئة الذوبان التي نعرفها والتي يمكن بناء فرن منها لا تذوب في مثل هذه الحرارة فقط، بل تصبح بخارا، ولهذا فان جميع المواد الموجودة على سطح الشمس ذائبة على هيئة بخار. والأعجب من ذلك حرارة عمقها التي تبلغ 2 مليون درجة سانتغراد وتندلع من سطح الشمس ألسنة نيران يبلغ ارتفاعها أحيانا 160 الف كم، ومن السهولة أن تضيع الكرة الأرضية فيها لأن قطر الأرض ليس أكثر من 12 ألف كيلو متر.
فوائد وجود هذا النجم السماوي وتأثيره البالغ في حياة الإنسان وبقية موجودات الأرض:
إن جاذبية الشمس تؤدي إلى دوام استمرار الأرض في دورانها في مدارها الثابت وإلا لسقطت في إحدى زوايا هذا الفضاء اللا متناهي ككرة مضطربة.
إن الحرارة التي تصلنا من الشمس بصورة مباشرة نهارا والتي تخزن في الأجسام وتنعكس علينا ليلا، لها تأثير في نمو النباتات وديمومة الحركة والحياة لدى الحيوانات.
إن الشمس تضع في خدمة الإنسان نورا سليما ومجانيا وغير حار أو محرق ولا بارد وخال من الأثر، بشكل دائم، وإذا قارنا قيمة الطاقة التي نحصل عليها من الشمس مع قيمة مصادر الطاقة الاخرى فلابد أن تدفع البشرية اموالا عوضا عن النور والحرارة التي تستلمها من الشمس مقارنة مع ثمن «الكهرباء» بمقدار (مليارا و 700 ألف دولار كل ساعة) عندئذ يجب أن نفكر كم ستكون هذه الميزانية على مدى سنة كاملة؟
نحن نعلم أن ضوء الشمس يتركب من 7 ألوان مزجت مع بعضها وظهرت على هيئة هذا النور الأبيض والشعاع الحالي، وهذا النور يعتبر عاملا مساعدا للنباتات حيث يمتص غاز ثاني اوكسيد الكاربون من الجو ويطرح في المقابل غاز الاوكسجين الذي هو عماد حياتنا، فهو يساعد النباتات في نموها بسحب ثاني اوكسيد الكاربون. ونحن نميز الأشياء حسب العادة عن طريق ألوانها، وهذه الألوان تحصل في شعاع الشمس، لأن كل موجود يقوم وحسب تكوينه بامتصاص جانب من ألوان الشمس فنطلق على اللون الذي لم يسحب لون الشي ء، أي أن الورق الأخضر للنباتات يمتص جميع ألوان الشمس عدا اللون الأخضر، إذن فنور الشمس هو الذي يظهر جميع الألوان.
إن الاشعة فوق البنفسجية والتي هي من اشعاعات الشمس تفيد في القضاء على 90% من الجراثيم، وتقوم بدور منع التعفن بنجو تام، ولولاها لتبدلت الأرض إلى مستشفى كبير، ولعل أشعة الشمس اعتبرت لهذا السبب من المطهرات في الإسلام «مع شروط خاصة طبعا».
لقد استطاع العلماء من خلال استخدامهم للعدسات المحدبة الفخمة من توليد حرارة هائلة بامكانها تشغيل المصانع المهمة، ولعل الكثير من المؤسسات الصناعية الحساسة سيتم تشغيلها في المستقبل القريب بالاستفادة من نور الشمس، وتحل الطاقة الشمسية عندئذ محل الكهرباء في البيوت.
إن تكون الغيوم نتيجة لسقوط أشعة الشمس على سطح المحيطات وهبوب الرياح نتيجة لاختلاف درجات الحرارة على الأرض بسبب أشعة الشمس، ثم حركة الغيوم نحو اليابسة وهطول الأمطار التي تبعث الحياة، هي احدى الفوائد المهمة للغاية لنور وحرارة الشمس.
إن حركة الشمس المنظمة في أبراج السماء (الصور الفلكية) وشروقها وغروبها المنهجي الذي يجري بنظام وتعاقب دقيق ومحسوب على مدى أيام السنة، إضافة إلى مساعدتها في تكوين الفصول المتعددة، فهي تساعد في إيجاد تقويم وحساب منظم للزمان الضروري جدا للحياة الاجتماعية للبشر.[2]
جاء لفظ الشمس ثلاثا و ثلاثین مرة فی القرآن و اشیر الیها فی الآیات بمختلف شؤونها:
فمنها ما تشیر الی خلقها کقوله تعالی:«وَ هُوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَر»[3] .
و منها ما تشیر الی کونها من آیات الله کقوله تعالی:«وَ مِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَ النَّهارُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَر»[4] .
و منها ما تشیر الی کونها مسخرة بامر الله کقوله تعالی:«اللَّهُ الَّذي...وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَر»َ.[5]
و منها ما تشیر الی سجودها لربها کقوله تعالی:«أَ لَمْ ترَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَر»[6] .
و منها ما تشیر الی جعلها ضیاء و سراجا کقوله تعالی:«هو الذي جعل الشمس ضياء»[7] و قوله تعالی:«و جعل الشمس سراجا»[8] .
و منها ما تشیر الی حرکتها و جریانها کقوله تعالی:«وَ الشَّمْسُ تَجْري لِمُسْتَقَرٍّ لَها ... وَ كُلٌّ في فلَكٍ يَسْبَحُون» [9] .
و منها ما تشیر الی حالاتها من الطلوع و الزوال و الغروب کقوله تعالی:«و سبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس و قبل غروبها»[10] و «و الشمس و ضحاها»[11] و «أقم الصلاة لدلوك الشمس »[12] .
و منها ما تشیر الی حالها فی القیامة کقوله تعالی:«إذا الشمس كورت» [13] و «و جمع الشمس و القمر»[14] .
و منها ما تشیر الی کونها معبودة لبعض المشرکین کقوله تعالی:«وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله»[15] .
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 464
نفحات القرآن، ج 2، ص 159
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 464
[2]نفحات القرآن، ج 2، ص 159
[3]الانبیاء: 33
[4]فصلت: 37
[5]الرعد: 2
[6]الحج: 18
[7]یونس: 51
[8]نوح: 16
[9]یس: 38 - 40
[10]طه: 130
[11]الشمس: 1
[12]الاسراء: 87
[13]التکویر: 1
[14]القیامة: 9
[15]النمل: 24