العَمَد
العَمُود: خشب تَعْتَمِد عليه الخيمة، و كذلك ما يأخذه الإنسان بيده معتمِدا عليه من حديد أو خشب. و جمعه: عُمُد و عَمَد.[1]
ذکر العمد مرتین فی خلق السموات و مرة فی صفة جهنّم.
قال تعالی: «اللَّهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها»[2] . اي انها في الأصل بلا عمد كما ترونها فعلا، او ان السماء مرفوعة بعمد و لكن لا ترونها لانها غير مرئية! و هذا هو الذي يراه الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام کما عن الحسين بن خالد قال: سألته: ما المقصود في قوله تعالى: و السماء ذات الحبك قال: هذه السماء لها طرق الى الأرض، فقلت له: كيف تكون لها طرق الى الأرض في الوقت الذي يقول سبحانه و تعالى: رفع السماوات بغير عمد فأجابه الامام: «سبحان الله، أ ليس الله يقول بغير عمد ترونها؟ قلت بلى، فقال: ثم عمد و لكن لا ترونها».
ان هذه الآية بالرغم من وجود هذا الحديث الذي يفسرها، فإنها تكشف عن حقيقة علمية لم تكن معروفة عند نزول الآيات الكريمة، لانه في ذاك الوقت كانت نظرية «بطليموس» في الهيئة تتحكم بكل قواها في المحافل العلمية في العالم و على أفكار الناس، و طبقا لهذه النظرية فإن السماوات عبارة عن اجرام متداخلة تشبه قشور البصل، و انها لم تكن معلقة و بدون عمد، بل كل واحدة منها تستند الى الاخرى. و لكن بعد نزول هذه الآيات بألف سنة تقريبا توصل علم الإنسان الى ان هذه الفكرة غير صحيحة، فالحقيقة ان الاجرام السماوية لها مقر و مدار ثابت، و لا تستند الى شي ء، فالشي ء الوحيد الذي يجعلها مستقرة و ثابتة في مكانها هو تعادل قوة التجاذب و التنافر، فالاولى تربط الاجرام فيما بينها، و الاخرى لها علاقة بحركتها. هذا التعادل للقوتين الذي يشكل اعمدة غير مرئية يحفظ الاجرام السماوية و يجعلها مستقرة في مكانها. و في الحديث عن الامام امير المؤمنين عليه السلام بخصوص هذا الموضوع قال: «هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الأرض مربوطة كل مدينة الى عمود من نور». و هل نجد أوضح من هذا الوصف «عمود غير مرئي» او «عمود من نور» في ادب ذلك العصر لبيان أمواج الجاذبية و تعادل قوتي الجذب و الدفع.[3]
و قال سبحانه: «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ»[4] . ای هؤلاء في الحقيقة يقبعون في غرف تعذيب مغلقة الأبواب لا طريق للخلاص منها، كما كانوا يجمعون أموالهم في الخزانات المغلقة الموصدة. جمع من المفسرين قال إنها الأوتاد الحديدية العظيمة التي تغلق بها أبواب جهنم حتى لم يعد هناك طريق للخروج منها أبدا، و قيل إنها إشارة إلى نوع من وسائل التعذيب و الجزاء تشبه تلك التي يغل بها الشخص في رجله فيفقد قدرة الحركة و هذا جزاء ما كانوا يمارسونه من تعذيب للناس الأبرياء في هذه الدنيا. و بعضهم أضاف تفسيرا ثالثا استمده من الاكتشافات العلمية، و هو أن شعلة من نيران جهنم تسلط على هؤلاء مثل أعمدة طويلة. و الأول أنسب.[5]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 585
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 20، ص 451
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 585
[2]الرعد: 2
[3]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 7، ص 329
[4]الهمزة: 9
[5]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 20، ص 451