الأحد عشر
المجموعات : الأعداد والمقادیر

الأحد عشر

أحد عشر عدد مرکب و المؤنث إحدی عشر. الأصل في هذه المادّة هو الأحد، بمعنى التّفرّد و التّقدّم، يقال: فلان أحد الأحدين، أي واحد لا نظير له. و منه: يوم الأحد، و هو اليوم الأوّل من الأسبوع، و المتقدّم على سائر أيّامه. و ليس لأحد فعل، أمّا «أحّدت اللّه» فهو من «وحد».

قال تعالی:«إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ»[1] هذا تركيب وحيد في القرآن جاء بداية قصّة كانت فريدة بين القصص القرآنيّة من جهات شتّى، و لعلّ هذا هو سرّ انفراد هذا التّركيب العدديّ في القرآن، كانفراد يوسف في مصره و دهره، و كانفراد سورة يوسف بين السّور في لطافة المضامين، و كثرة النّكت.

و من مزايا هذه القصّة ابتداؤها بالرّؤيا الصّادقة الّتي تحوي لبّ القصّة و عاقبتها الحميدة بعد طول العناء و ألوان من العذاب و الشّقاء، و من كمال القصّة الرّؤيا و نحوها، فإذا خلت قصّة من الرّؤيا أو ما شابهها من الأحداث و الإرهاصات، فهي عارية عن ركن من أركانها. فيوسف نبّى ء قبل كلّ شي ء بالرّؤيا، ثمّ وفّق و ألهم بحكايتها لأبيه النّبيّ الشّيخ المجرّب، فبشّره بمستقبله النّيّر إيماء بلا تفصيل، و تحذيرا ممّن يكيد له، ليقف يوسف بنفسه على تأويله بعد أن ذاق مرارة السّلوك، و لاقى ما لاقى من العذاب، إذ قال لأبيه: «هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ » فآيات بدء القصّة حافلة بمثل هذه الأسرار.

ثمّ إنّ الرّؤيا في ذاتها عجيبة، فالكواكب الأحد عشر جمعت مع الشّمس و القمر ساجدة كلّها ليوسف، و هو طفل لم يبلغ الحلم، في سنّ خاف عليه أبوه أن يأكله الذّئب، فهذا السّياق و تلك العناصر كانت كافية نبوءة و إرهاصا للطّفل، حتّى لو لم يصدر تأويلها على لسان الأب، إلّا أنّ الرّؤيا لا يوجد فيها عنصر الخوف و العناء، و كانت كلّها فأل حسن، و هذا ما كشف عنه أبوه له، إذ قال له: «يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ» منبّها له أنّ له في طريق الوصول إلى تلك المنزلة العليا- و هي سجود الشّمس و القمر و الكواكب له- مخاطر و عقبات و صعاب و عناء، كلّه من قبل إخوتك الّذين هم الكواكب الأحد عشر، و أنّ الشّيطان هو الّذي سيبعثهم على إيذائه، رغم أنّهم إخوانه.[2]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 1، ص 473 و 478

 

[1]يوسف: 4

[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 1، ص 473 و 478