الحبّة
الأصل في هذه المادّة: الحبّ، أي ما يأكله النّاس من الحنطة و الشّعير خاصّة، و ما يشبهه كالعدس و الأرزّ و بزور ما يبذر. ثمّ عمّم للزّرع و الأشياء؛ و واحدته: حبّة، و جمعه: حبّات و حبوب و حبّان. و الحبّة: حبّ الرّياحين، و بزر كلّ نبات ينبت وحده من غير أن يبذر؛ واحدها: حبّة، و جمعها: حبب.
جاء الحبّ و الحبّة فی القرآن و الفرق بينهما هو الفرق بين الجنس و الواحد، فأريد بالحبّ دائما الجنس، مشعرا بأنّه من النّعم الكبار، و بالحبّة الواحدة مشعرا بصغرها. و الحبّ جاء منفعلا و معمولا لأفعال، و مع قيود و أشجار و ثمار، و الحبّة جاءت فاعلة أو ما يقاربها، تحقيرا و تقليلا.
قال تعالی: «إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»[1] . الحبّ: خاصّ بالحبوب، و النّوى: بالأشجار، أي إنّه تعالى يشقّ الحبّ و النّوى ليخرج منهما النّباتات، فهما بمثابة البذر لهما. و قيل: الفلق: هو الشّقّ الّذي في وسط الحبّ، لكنّه لا يوجد في كثير من الحبوب و النّوى. فالأوّل هو الصّواب، و عليه فهي وصف لحالة الإنبات دون الحبّ.
و قال: «وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ »[2] جعلت حبّة تعبيرا عن إحاطة علم اللّه بكلّ صغير و كبير و خفيّ و جليّ حتّى حبّة في ظلمات الأرض.[3]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 596
[1]الأنعام: 95
[2]الأنعام: 59
[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 596