التابوت
المجموعات : الأثاث

التابوت

الأصل في التّابوت التّوب، أي الرّجوع، فإنّه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه، كما قال أبو عليّ الفارسيّ. و جمعه: توابيت، و يعني الأضلاع و ما تحويه كالقلب و الكبد و غيرهما، تشبيها بالصّندوق الّذي يحرز فيه المتاع، و كذا جاء في العبريّة أي الصّندوق و سائر اللّغات السّاميّة و في القبطيّة و الحبشيّة. و التّابوت على وزن «فعلوت»، فألفه منقلبة من الواو، أي أصله «توبوت»، تحرّكت الواو و انفتح ما قبلها، فقلبت ألفا. و له نظائر في اللّغة، مثل: ملكوت و جبروت و عظموت و غيرها. و لعلّه لفظ أعجميّ ضارع أوزان العربيّة، مثل: النّاسوت و اللّاهوت و نحوهما.

و جعله بعضهم أصلا برأسه، و منهم الجوهريّ، فقال: «فعلوه» من «ت أ ب»، و أصله «تأبوة»، ثمّ سهّلت الهمزة و سكّنت الواو، فانقلبت هاء التّأنيث تاء. و نظائره: ترقوة: النّقرة بين العنق و رأس العضد، و حرقوة: أعلى اللّهاة و الحلق، و الثّندؤة: ثدي الرّجل. و قال ابن برّيّ: هي «فاعول» من «ت ب ت»، و الوقف عليها بالتّاء في أكثر اللّغات كالفرات، و ليست «تاء» الفرات بتاء تأنيث، و إنّما هي أصليّة من نفس الكلمة. و قال ابن جنّيّ: هي «فاعول» من «ت ب ه»، و نظيره حانوت و حانوه، و فرات و فراه، كما مرّ.

قال تعالی:«أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ »[1] هذه الكلمة جاءت في خلال ولادة موسى و وضعه في التّابوت و قذفه في اليمّ و اللّام للعهد الحضوريّ، أي كان عند أمّ موسى صندوق صغير، فأمرت بوحي من اللّه أن تقذفه فيه، ثمّ تقذف الصّندوق في اليمّ.

و قال:«وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ»[2] . جاءت في خلال قصّة بني إسرائيل في أرض الميعاد. العهد هنا ذهنيّ، فيبدو أنّ التّابوت- و كان يسمّى تابوت العهد، و تابوت الشّهادة، و تابوت الرّبّ، و تابوت اللّه، حسب ما جاء في النّصوص- كان معهودا بين بني إسرائيل منذ عهد موسى، فما بعده سنين طوالا، حتّى سلبه الفلسطينيّون في معركة دارت بينهم و بين الإسرائيليّين، ثمّ أرجعه اللّه إلى «طالوت» كمعجزة له، تشهد على أنّه ملك عليهم من قبل اللّه تعالى.

و بعد هذا فهل يبقى شكّ في أنّهما متعدّدان؟ أو هناك تابوت واحد قذف فيه موسى و هو طفل، و بقي عند آل فرعون، ثمّ انتقل إلى آل موسى، ثمّ إلى بني إسرائيل حتّى آخر مسيرهم؟ كيف و قد جاء في النّصوص نقلا عن مصادر إسرائيليّة أنّ موسى عليه السّلام هو الّذي صنع تابوت العهد بالذّهب، بطول يبلغ ذراعين و بعرض ذراع. فالتّابوت في قصّة موسى كالقميص في قصّة يوسف، فالقمصان متعدّدة، و ليست قميصا واحدا. و جاءت قصص حول تابوت العهد في «العهد القديم» و في الإسرائيليّات في التّفاسير و في القرآن الكريم.[3]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 7، ص 486

 

[1]طه: 39

[2]البقرة: 248

[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 7، ص 486