الصلب
الصُّلْب : الشّديد، و باعتبار الصلابة و الشّدّة سمّي الظّهر صلبا. و قوله: «وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ »[1] تنبيه أنّ الولد جزء من الأب. و قال تعالى:«يَخْرُجُ مِنْ بيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ »[2] .[3]
نری ان القرآن الكريم أخذ بأيدي الجميع و أرجعهم إلى أول خلقهم و للمفسّرين بخصوص المراد من «الصلب و الترائب» آراء:
«الصلب» إشارة إلى الرجال، و «الترائب» إشارة إلى النساء، لأنّ في الرجال مظهر الصلابة، و في النساء مظهر الرقة و اللطافة. و عليه، فالآية بصدد ذكر حيمن الرجل و بويضة المرأة، و منهما تتشكل نطفة خلق الإنسان.
«الصلب» إشارة إلى ظهر الرجل، و «الترائب» إشارة إلى صدره، فيكون مراد الآية نطفة الرجل التي تقع ما بين ظهره و صدره.
إرادة، خروج الجنين من رحم امّه، لأنّه يكون بين ظهرها و الجزء الأمامي لبدنها.
قيل: إنّ في الآيتين سرّا من أسرار التنزيل، و وجها من وجوه الأعجاز، إذ فيهما معرفة حقائق علميّة لم تكن معروفة حينذاك و قد كشف عنها العلم أخيرا. و إذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصيّة الرجل و مبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات، التي حيرت الألباب، فقد ثبت أن خصيّة الرجل و مبيض المرأة في بداية ظهورهما في الجنين يقعان في مجاورة كلية الجنين، أي بين وسط الفقرات (الصلب) و الأضلاع السفلى للصدر (الترائب) ثمّ مع نمو الجنين ينتقلان تدريجيا إلى الأسفل، و بما أن تكون الإنسان يمثل تركيبا من نطفة الرجل و المرأة و المحل الأصلي لجهاز توليد النطفة فيهما هو بين الصلب و الترائب، أختار القرآن لذلك هذا التعبير. و هذا ما لم يكن معروفا حينذاك. و بعبارة اخرى: إنّ كلّ من الخصيّة و المبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلي و يقع بين الصلب و الترائب، أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا و مقابل أسفل الضلوع.
مراد الآية، هو المني، لأنّه في الحقيقة مأخوذ من جميع أجزاء البدن، و لذا عند ما يقذف إلى الخارج فإنّه يقترن مع انفعال و هيجان البدن كلّه و بعده فتور البدن بأجمعه، فيكون مقصود «الصلب» و «الترائب» في هذه الحال تمام قسمي بدن الإنسان، الإمامي و الخلفي.
و قيل أيضا: إنّ المصدر الأساس لتكوين المني هو النخاع الشوكي الواقع في ظهر الإنسان، ثمّ القلب و الكبد، فالأوّل يقع تحت أضلاع الصدر، و الآخر بين المكانين المذكورين، و على هذا الأساس قالت الآية: مِنْ بيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ . و يكفينا الرجوع إلى الآيات المبحوثة لدفع الغموض الحاصل، فالآيات تشير إلى ماء الرجل دون المرأة، بقرينة «ماء دافق»، و هذا لا يصدق إلّا على الرجل، و عليه يعود الضمير في «يخرج». و عليه، فينبغي إخراج المرأة من هذه الدائرة، ليكون البحث منصبا على الرجل فقط، و هو المشار إليه في الآية. و «الصلب و الترائب» هما ظهر الرجل و قسمه الأمامي، لأنّ ماء الرجل إنّما يخرج من هاتين المنطقتين . و هذا التّفسير واضح، خال من أيّ تكلف، ينسجم مع ما ورد في كتب اللغة بخصوص المصطلحين.كما و يمكن أن تكون الآية قد أشارت إلى حقيقة علمية مهمّة لم يتوصل إلى اكتشافها بعد، و ربّما المستقبل سيكشف ما لم يكن بالحسبان.[4]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 489
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 20، ص 108
[1]النساء: 23
[2]الطارق: 7
[3]مفردات ألفاظ القرآن، ص 489
[4]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 20، ص 108