الدخان
الدُّخَان : معروف، و هو هذا الأسود الذى يصعد من النار عن احتراق الوَقود .[1]
قال تعالی فیما یتعلق بخلق السماوات: «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِين »[2] جملة «هي دخان» تبيّن أن بداية خلق السماوات كان من سحب الغازات الكثيفة الكثيرة، و هذا الأمر يتناسب مع آخر ما توصلت إليه البحوث العلمية بشأن بداية الخلق و العالم. و الآن فإنّ الكثير من النجوم السماوية هي على شكل سحب مضغوطة من الغازات و الدخان.[3]
و قال تعالی: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِين»[4] و لهم فی المراد بالدخان قولان:
إنّه إشارة إلى العقاب و العذاب الذي ابتلي به كفار قريش في عصر النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم لأنّه لعنهم و دعا عليهم قال: اللهم سنين كسني يوسف. فأصاب مكّة قحط شديد، حتى أنّهم كانوا يرون كأن بين السماء و الأرض عمودا من الدخان من شدة الجوع و العطش. و قال البعض: إنّ الدخان يستعمل عادة في كلام العرب كناية عن الشر و البلاء الذي يعم و يغلب. و يعتقد بعض آخر أنّه حين القحط و قلّة المطر تغطي السماء عادة أعمدة الغبار، و قد عبر هنا عن هذه الحالة بالدخان، لأن المطر ينزل بالغبار إلى الأرض فيصفو الأفق. و مع كل هذه الصفات، فإنّ استعمال كلمة الدخان هنا مجاز.
إن المراد الدخان الغليظ الذي سيغطي السماء في نهاية العالم، و على أعتاب القيامة، فهو علامة لحلول اللحظات الأخيرة لهذه الدنيا، و بداية عذاب اللّه أليم للظالمين و المفسدين. عند ذلك سينتبه هؤلاء الظالمون من نوم غفلتهم، و يطلبون رفع العذاب و الرجوع إلى الحياة الدنيوية العادية، لكن أيديهم ترد في أفواههم. و طبقا لهذا التّفسير فإنّ الدخان معناه الحقيقي، و هو الأنسب.[5]
المنابع:
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 16، ص 130
الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 400
[1]الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 400
[2]فصلت: 11
[3]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 15، ص 364
[4]الدخان: 10
[5]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 16، ص 130