الکتاب
الكِتَاب في الأصل مصدر ثم سمّي المكتوب فيه كتابا و الْكِتَابُ في الأصل اسم للصّحيفة مع المكتوب فيه.[1]
استعمل الکتاب 255 مرة و الکُتب 4 مرات فی القرآن و قال الراغب فیما استعمل فیه الکتاب ما خلاصته:
في قوله: «يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ»[2] يعني صحيفة فيها كِتَابَة.
و يعبّر عن الإثبات و التّقدير و الإيجاب و الفرض و العزم بِالْكِتَابَةِ، قال: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»[3] أي في حكمه.
و يعبّر بالكتابة عن القضاء الممضى و ما يصير في حكم الممضى، و قوله: «ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها»[4] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. و قوله: «إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها»[5] قيل: إشارة إلى اللّوح المحفوظ، و كذا قوله: «إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ» و « وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» و« فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً» و قوله: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ» أي في حكمه.
و يعبّر بِالْكِتَابِ عن الحجّة الثابتة من جهة اللّه نحو: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ»[6]
و يعبّر عن الإيجاد بالكتابة، و عن الإزالة و الإفناء بالمحو. قال: «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ»[7]
و حيثما ذكر اللّه تعالى أهل الكتاب فإنما أراد بالكتاب التّوراة و الإنجيل أو إيّاهما جميعا، و قوله: «وَ تُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ»[8] أي بِالكُتُبِ المنزّلة فوضع ذلك موضع الجمع.[9]
قال العلامة الطباطبائي: الكتاب بحسب ما يتبادر منه اليوم إلى أذهاننا هو الصحيفة أو الصحائف التي تضبط فيها طائفة من المعاني على طريق التخطيط بقلم أو طابع أو غيرهما لكن لما كان الاعتبار في استعمال الأسماء إنما هو بالأغراض التي وقعت التسمية لأجلها أباح ذلك التوسع في إطلاق الأسماء على غير مسمياتها المعهودة في أوان الوضع، و الغرض من الكتاب هو ضبط طائفة من المعاني بحيث يستحضرها الإنسان كلما راجعه، و هذا المعنى لا يلازم ما خطته اليد بالقلم على القرطاس كما أن الكتاب في ذكر الإنسان إذا حفظه كتاب و إذا أملاه عن حفظه كتاب و إن لم يكن هناك صحائف أو ألواح مخطوطة بالقلم المعهود.
و على هذا التوسع جرى كلامه تعالى في إطلاق الكتاب على طائفة من الوحي الملقى إلى النبي و خاصة إذا كان مشتملا على عزيمة و شريعة و كذا إطلاقه على ما يضبط الحوادث و الوقائع نوعا من الضبط عند الله سبحانه، و في هذه الأقسام الثلاثة ينحصر ما ذكره الله سبحانه في كلامه من كتاب منسوب إلى نفسه غير ما في ظاهر قوله في أمر التوراة: «و كتبنا له في الألواح من كل شي ء موعظة و تفصيلا لكل شي ء» (الأعراف: 145).
القسم الأول: الكتب المنزلة على الأنبياء علیهم السلام و هي المشتملة على شرائع الدين و قد ذكر الله سبحانه منها كتاب نوح في قوله: «و أنزل معهم الكتاب بالحق» (البقرة: 213) و كتاب إبراهيم و موسى قال: «صحف إبراهيم و موسى» (الأعلى: 19) و كتاب عيسى و هو الإنجيل قال: «و آتيناه الإنجيل فيه هدى و نور»: (المائدة: 46) و كتاب محمد صلی الله علیه وآله قال: «تلك آيات الكتاب و قرآن مبين» (الحجر: 1).
القسم الثاني: الكتب التي تضبط أعمال العباد من حسنات أو سيئات:
فمنها: ما يختص بكل نفس إنسانية كالذي يشير إليه قوله تعالى: «و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيامة كتابا»: (الإسراء: 13).
و منها: ما يضبط أعمال الأمة كالذي يدل عليه قوله: «و ترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها»: (الجاثية: 28) و منها: ما يشترك فيه الناس جميعا كما في قوله: «هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون»: (الجاثية: 29) لو كان الخطاب فيه لجميع الناس.
و لعل لهذا القسم من الكتاب تقسيما آخر بحسب انقسام الناس إلى طائفتي الأبرار و الفجار و هو الذي يذكره في قوله: «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين، و ما أدراك ما سجين، كتاب مرقوم... كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين »: (المطففين: 21).
القسم الثالث: الكتب التي تضبط تفاصيل نظام الوجود و الحوادث الكائنة فيه:
فمنها الكتاب المصون عن التغير المكتوب فيه كل شي ء كالذي يشير إليه قوله تعالى: «و ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر إلا في كتاب مبين»: (يونس: 61). و لعل هذا النوع من الكتاب ينقسم إلى: كتاب واحد عام حفيظ لجميع الحوادث و الموجودات، و كتاب خاص بكل موجود موجود يحفظ به حاله في الوجود و سائر الآيات الكريمة التي تشاكلهما. و منها: الكتب التي يتطرق إليها التغيير و يداخلها المحو و الإثبات كما يدل عليه قوله تعالى: «يمحوا الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب»: (الرعد: 39).[10]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 699
الميزان في تفسير القرآن، ج 7، ص 252
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 699
[2]النساء: 153
[3]الانفال: 75
[4]الکهف: 49
[5]الحدید: 22
[6]الحج: 8
[7]الرعد: 38
[8]آل عمران: 119
[9]مفردات ألفاظ القرآن، ص 699
[10]الميزان في تفسير القرآن، ج 7، ص 252