الحناجر
المجموعات : الأعضاء والجوارح

الحناجر

الحنجرة هي رأس الغلصمة حيث تحدّد، و الجمع: حناجر، و عدّ بعضهم نون الحنجرة زائدة، فهو على فنعلة و عدّها الجمهور أصليّة، فهو على فعللة.

جاء الحناجر مرّتين في آيتين:

قال تعالی یصف حال المسلمين يوم الأحزاب: «وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ» [1].

عدّ بعض بلوغ القلوب الحناجر حقيقة، و عدّه بعض آخر مجازا، فمن ذهب إلى الحقيقة علّل ذلك بانتفاخ الرّئة من شدّة الرّوع، فيرتفع القلب بارتفاعها إلى الحنجرة، أو انتفاخ الطّحال و الرّئة معا. و من ذهب إلى المجاز علّل ذلك بأنّه كناية عن شدّة الرّعب و الخفقان، فاستعير بلوغ الحناجر للقلوب فمثّل به، قال القرطبيّ: «الأظهر أنّه أراد اضطراب القلب و ضربانه، أي كأنّه لشدّة اضطرابه بلغ الحنجرة». و عدّه بعض ضربا من المبالغة بتقدير لفظ «كاد»، أي كادت القلوب تبلغ الحناجر من الخوف، قال عكرمة: «إنّ القلوب لو تحرّكت و زالت خرجت نفسه، و لكن إنّما هو الفزع».

استعملت القلوب عند الخوف لأنّها مقرّه في الشّدّة، و استعمل بلوغها الحناجر لمشارفة الأنفس الموت، أي كادت الأنفس تموت خوفا و فزعا من هول ما رأت يوم الأحزاب. و استعمل هنا زوغان الأبصار، و بلوغ القلوب الحناجر، و هما من أشدّ علامات الرّوع عند الشّدّة.

و قال تعالی یصف حال العباد عند الموت أو يوم القيامة:« وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ»[2]

قال ابن عطيّة: «معناه عند الحناجر، أي قد صعدت من شدّة الهول و الجزع، و هذا أمر يحتمل أن يكون حقيقة يوم القيامة من انتقال قلوب البشر إلى حناجرهم و تبقى حياتهم، بخلاف الدّنيا الّتي لا تبقى فيها لأحد مع تنقّل قلبه حياة. و يحتمل أن يكون تجوّزا عبّر عمّا يجده الإنسان من الجزع و صعود نفسه و تضايق حنجرته بصعود القلب، و هذا كما تقول العرب: كادت نفسي أن تخرج، و هذا المعنى يجده المفرط الجزع كالّذي يقرّب للقتل و نحوه».

و قال الفخر الرّازيّ: «اختلفوا في أنّ المراد من قوله: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ كناية عن شدّة الخوف، أو هو محمول على ظاهره. قيل: المراد وصف ذلك اليوم بشدّة الخوف و الفزع و قيل: بل هو محمول على ظاهره».[3]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 97

 

[1]الأحزاب: 10

[2]المؤمن: 18

[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 97