آسیة بنت مزاحم
هي آسية، و قيل: آسة، و قيل: أسنات بنت مزاحم بن عبير، و قيل: عبيد بن الريّان بن الوليد من بني إسرائيل.
زوجة مصعب الريّان فرعون مصر أيام ولادة نبيّ اللّه موسى بن عمران.
كانت من بنات الأنبياء، و إحدى النساء الموحّدات الفاضلات المؤمنات بالله و بشريعة موسى عليه السّلام.
عرفت بالصلاح و التقوى و الترحم على ضعفاء المؤمنين، و كانت تقضي أكثر أوقاتها بالتلهج بذكر اللّه و تسبيحه و تقديسه.
كانت تخفي إيمانها باللّه و بشريعة موسى عليه السّلام؛ خوفا من زوجها الّذي تجبّر و عتا و كفر باللّه و ادّعى الألوهية، و أتى بقبائح الأمور.
بعد أن أوحى اللّه إلى أمّ موسى بن عمران عليه السّلام بأن تضع وليدها في صندوق محكم، و ترميه في نهر النيل، لتقيه شر فرعون و زبانيته أخرج من الماء و أدخل بلاط فرعون، فلما شاهدته آسية قذف اللّه حبّه في قلبها، و شغفت به، و أمرت بتربيته و تنشئته كما يربّى أبناء الملوك، و أبقته عندها؛ ليكون قرّة عين لها و لفرعون، حيث لم يكن لهما أولاد. و سنذكر تفاصيل ذلك في ترجمتي فرعون و موسى عليه السّلام.
في أحد الأيام دخل عليها فرعون و أخبرها بقتل امرأة حزقيل المؤمنة الصالحة و أولادها، و كانت ماشطة آسية، فقالت آسية لفرعون: الويل لك يا فرعون ما أجرأك على اللّه جل و علا، فقال لها: لعلّك اعتواك الجنون الذي اعترى صاحبك موسى عليه السّلام، فقالت: ما اعتراني جنون، بل آمنت باللّه ربّي و ربّك و ربّ العالمين.
أخذ يهدّدها بالتعذيب و القتل، فلما أصرّت على التمسك بعقيدتها و إيمانها باللّه أمر بمدّها بين أربعة أوتاد، و وضع صخرة عظيمة عليها، فما زالت تحت التعذيب حتى فارقت الحياة.
في أثناء تعذيبها مرّ عليها موسى عليه السّلام، فشكت إليه بإصبعها، فدعا موسى عليه السّلام أن يخفف اللّه عنها العذاب، فصارت لا تجد للعذاب ألما.
كانت تدعو اللّه سبحانه و تعالى و هي تحت التعذيب، قائلة: ربّ ابن لي عندك بيتا في الجنة، فأوحى اللّه إليها: ارفعي رأسك و انظري، فرفعت رأسها، فرأت البيت المخصص لها في الجنّة مصنوعا من الدر، فتبسّمت، و فارقت الحياة.
كان جلاوزة فرعون يعذّبونها تحت حرارة الشمس، و إذا انصرفوا عنها أظلّتها الملائكة و أروها بيتها في الجنّة.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اختار اللّه من النساء أربعا: مريم بنت عمران عليها السّلام، و آسية بنت مزاحم، و خديجة بنت خويلد عليها السّلام، و فاطمة الزهراء عليها السّلام، و كانت مريم و آسية و خديجة سيّدات نساء زمانهن، أمّا فاطمة عليها السّلام فهي سيّدة نساء العالمين، من الأولين و الآخرين.
و قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم، امرأة فرعون.
قال الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام: آسية امرأة فرعون كلما أراد فرعون أن يمسّها تمثّلت له شيطانة يقاربها.
و نزل فیها قوله تعالی: وَ قالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ ...» (القصص:9). و قوله تعالی: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ...» (التحریم:11).[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 17
[1]أعلام القرآن، ص 17