إسماعيل‏ بن إبراهیم علیهما السلام
المجموعات : الأنبیاء

إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام

هو إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن ابن تارح بن ناحور بن سروج، و يتّصل نسبه بنبي اللّه نوح عليه السّلام، و أمّه هاجر المصريّة، و يعرف بالذبيح، و اسمه بالعبرية يشمعيل أو إسموئيل أو إصموئيل. أحد الأنبياء الذين بعثهم اللّه إلى الناس لإرشادهم و هدايتهم إلى الحق و الصواب، و كان عظيم الشأن، راسخ الإيمان، معروفا بالصبر و الصدق و الحلم.

يرتقي اليه نسب خاتم الأنبياء و المرسلين النبي الأعظم محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و يعتبر رأس سلالة العرب المستعربة. يعدّ أوّل من تكلّم بالعربية الفصحى و كتب بها، و أول من ركب الخيل.

كما ذكرنا في ترجمة إبراهيم الخليل عليه السّلام، بأنّه تزوّج من سارة و كانت عقيمة، ثم تزوج من هاجر فولدت له إسماعيل عليه السّلام، و بعد تلك الولادة حسدت سارة هاجر و صغرت في عينها حتى كادت لا تستطيع رؤيتها و رؤية ابنها، فضاقت هاجر ذرعا من سارة، فجاء الوحي إلى إبراهيم عليه السّلام بأن يرحل بها و بولدها إلى أرض مكّة، فجاء بها و بإسماعيل و هي ترضعه، و قيل: كان عمره 7 سنوات، و وضعهما عند البيت في مكان خال من البشر و الماء و الشجر، و ترك عندهما جرابا فيه تمر و سقاء فيه ماء، ثم رجع إلى الشام، و كان ذلك قبل ميلاد السيد المسيح عليه السّلام بألفي عام.

سكنت هاجر و ولدها إسماعيل في ذلك الوادي الموحش حتى نفد ما عندها من ماء، فاستولى العطش عليها و على ولدها، فأخذ يتلظى من العطش، فتركته و توجهت نحو جبل الصفا، ثم إلى جبل المروة عسى أن تجد أحدا يرشدها إلى الماء، فكرّرت الذهاب و الإياب سبع مرات بدون جدوى، فرجعت إلى ابنها يائسة، و هنا تدخلت الإرادة الربّانية و الرحمة الإلهيّة، فانبثق الماء من وسط الوادي في الموضع الذي يسمّى اليوم ببئر زمزم، فشربا حتّى ارتوت و ارتوى ولدها إسماعيل عليه السّلام.

و لم تزل هناك تمر عليها الليالي و الأيام و هي مأنوسة بولدها حتى مرّ بها جماعة من جرهم و العماليق، فاستأذنوها و نزلوا عندها بالقرب من نبع الماء.

ترعرع إسماعيل عليه السّلام و شبّ بين جرهم، و تعلّم منهم العربية، و لمّا أدرك و بلغ مبلغ الرجال زوّجوه إحدى بناتهم، و كانت تدعى عمارة بنت سعد بن أسامة العماليقي، و بعد مدّة فارقها بأمر من أبيه إبراهيم عليه السّلام، ثم تزوّج من السيدة بنت مضاض الجرهميّة.

كان إبراهيم عليه السّلام يتردّد على إسماعيل عليه السّلام في مكّة بين مدّة و أخرى، و في إحدى المرّات أمرهما اللّه بأن يبنيا الكعبة، فأطاعا ما أمرا به، و تعاونا على بنائها.

و لما بلغ إسماعيل عليه السّلام الثالثة عشرة من عمره، رأى أبوه في المنام بأنّ اللّه يأمره بذبحه، و لما استيقظ من نومه عرض الأمر عليه، فأجابه بالرضى و القبول و الرضوخ لأوامر اللّه، فطرحه أبوه على الأرض بمنى، و أجرى المدية على حلقه ليذبحه، فسحب جبرئيل عليه السّلام إسماعيل عليه السّلام من تحت المدية و وضع مكانه كبشا، فذبح إبراهيم عليه السّلام الكبش فداء لإسماعيل عليه السّلام. و لم يزل إسماعيل عليه السّلام يعيش مع أمه حتى جاء ذلك اليوم الذي توفّيت فيه، فصدم صدمة عنيفة، و حزن حزنا شديدا عليها، فدفنها عند الحجر بجوار الكعبة المشرّفة.

استمرّ إسماعيل عليه السّلام في تدبير شئون أمور البيت الحرام حتى بعثه اللّه نبيّا إلى قبائل اليمن و حضرموت و العماليق، فأخذ يدعوهم إلى توحيد اللّه و عبادته، و ينهاهم عن عبادة الاصنام، فآمن به طائفة قليلة، و عصاه الكثيرون.

أنجبت له زوجته الجرهمية اثني عشر ولدا و هم: نبايوت، و قيدار، و أدبئيل، و مبسام، و مشماع، و دومة، و مسا، و حدار، و يتما، و يطور، و نافيش، و قدمة.

و بعد أن عاش 130 سنة، و قيل: 137 سنة، و قيل: 120 سنة، و بعد أن قام بأعباء النبوة 50 سنة توفّي بمكّة، و قيل: بفلسطين، و قبره بمكّة قرب قبر أمّه هاجر، عند حجر إسماعيل.

نزلت فیه عدة آیات منها قوله تعالی: «وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ»[1] .[2]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 96

 

[1]: 48

[2]أعلام القرآن، ص 96