مَنف
المجموعات : الأمکنة

مَنف

بالفتح ثم السكون و فاء: اسم مدينة فرعون بمصر، قال القضاعي: أصلها بلغة القبط مافه فعرّبت فقيل منف، قال عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم بإسناده: أول من سكن مصر بعد أن أغرق اللّه تعالى قوم نوح عليه السّلام، بيصر بن حام بن نوح فسكن منف و هي أول مدينة عمّرت بعد الغرق هو و ولده و هم ثلاثون نفسا منهم أربعة أولاد قد بلغوا و تزوّجوا فبذلك سمّيت مافه، و معنى مافه بلسان القبط ثلاثون، ثم عرّبت فقيل منف، و هي المرادة بقوله تعالى: «وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها»(القصص:15).

قال الهمذاني: ذكر لي شيخ صدوق فيما يحكيه قال: رأيت بمنف دار فرعون و درت في مجالسها و مساربها و غرفها و صفافها فإذا جميع ذلك حجر واحد منقور، فإن كان قد هندموه و لاحكوا بينه حتى صار في الملامسة بحيث لا يستبين فيه مجمع حجرين و لا ملتقى صخرتين فهذا عجيب، و إن كان جميع ذلك حجرا واحدا نقرته الرجال بالمناقير حتى خرقت تلك المخاريق في مواضعها إنه لأعجب، و آثار هذه المدينة و حجارة قصورها إلى الآن ظاهرة، بينها و بين الفسطاط ثلاثة فراسخ، و بينها و بين عين شمس ستة فراسخ، و قيل إنه كان فيها أربعة أنهار يختلط ماؤها في موضع سريره و لذلك قال: «يا قَوْمِ أَ لَيْسَ لي مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْري مِنْ تَحْتي أَ فَلا تُبْصِرُون» ؟ (الزخرف:51) و كانت منف أول مدينة بنيت بأرض مصر بعد الطوفان لأن بيصر والد مصر قدم إلى هذه الأرض في ثلاثين نفسا من ولده و ولد ولده، قال ابن زولاق: و ذكر بعضهم أن من مصر لمنف ثلاثين ميلا كانت بيوتا متصلة و فيها بيت فرعون قطعة واحدة سقفه و فرشه و حيطانه حجر واحد أخضر، قلت: و سألت بعض عقلاء مصر عن ذلك فصدقه إلا أنه قال: يكون مقداره خمسة أذرع في خمسة أذرع حسب، و ذكر بعض عقلاء مصر قال: دخلت منف فرأيت عثمان بن صالح عالم مصر و هو جالس على باب كنيسة بمنف فقال: أ تدري ما مكتوب على باب هذه الكنيسة؟ قلت: لا، قال: مكتوب عليها: لا تلوموني على صغرها فإني قد اشتريت كل ذراع بمائتي دينار لشدة العمارة، قال عثمان بن صالح: و على باب هذه الكنيسة وكز موسى عليه السّلام الرجل فقضى عليه، و بها كنيسة الأسقف لا يعرف طولها و عرضها مسقفة بحجر واحد حتى لو أن ملوك الأرض قبل الإسلام و خلفاء الإسلام جعلوا همتهم على أن يعملوا مثلها لما أمكنهم، و بمنف آثار الحكماء و الأنبياء و بها كان منزل يوسف الصديق عليه السّلام، و من كان قبله و منزل فرعون موسى و كانت له عين شمس، و الفسطاط اليوم بين منف و عين شمس في منتهى جبل المقطم و منقطعه، و كان في قرنة المقطم موضع يسمى المرقب و كان ابن طولون قد بنى عنده مسجدا يعرف به فكان فرعون إذا أراد الركوب من عين شمس إلى منف أوقد صاحب المرقب بمنف فرآه صاحب المرقب الذي على جبل المقطم فيوقد فيه فإذا رأى صاحب عين شمس ذلك الوقود تأهب لمجيئه، و كذلك كان يصنع إذا أراد الركوب من منف إلى عين شمس فلذلك سمي الموضع تنّور فرعون. [1]

المنبع:

معجم البلدان، ج 5، ص 213 و214

 

[1]معجم البلدان، ج 5، ص 213 و214