أصحاب الرَسّ‏

أصحاب الرسّ

هناك تباين كبير بين آراء العلماء و المحقّقين بالنسبة إلى أصحاب الرس- البئر- فمنهم من قال: إنّهم كانوا قوما يعيشون في اليمامة، و لمّا اشتدّ فيهم الكفر و الظلم بعث اللّه إليهم نبيّا يدعى حنظلة بن صفوان ليرشدهم و يهديهم، فكذّبوه و عذّبوه، ثم ألقوه في إحدى الآبار، فسمّوا بأصحاب الرس.

و هناك من يقول: إنّ أصحاب الرس كانوا يعيشون في منطقة آذربيجان شمال بلاد فارس، و كانوا قساة جفاة قتلوا ثلاثين نبيّا بعثهم اللّه إليهم لإصلاحهم و هدايتهم، فلولوغهم في دماء الأنبياء و تجبّرهم غضب اللّه عليهم و أنزل عليهم العذاب، فأهلكهم بأجمعهم و قضى على ديارهم، و كان نبيّ اللّه شعيب عليه السّلام من أنبيائهم.

و قيل: كانوا من بقايا قومي عاد و ثمود، و تواجدوا بعد سليمان بن داود عليه السّلام، و كانوا يسكنون حضرموت.

و قيل: كانوا من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السّلام، و كانوا قبيلتين: أدمان و يامن، و قيل: رعويل، و كانوا يسكنون اليمن، و كانوا من حمير، و بعد أن قتلوا نبيّهم صفوان سلّط اللّه عليهم نبوخذ نصر، فأبادهم عن بكرة أبيهم.

و قيل: أصحاب الرس كانوا من أنصار جالوت، شقّوا عصا الطاعة على داود بن سليمان عليه السّلام، و امتنعوا عن دفع الخراج، فأمر داود عليه السّلام بقتلهم.

و قيل: كانوا من العرب البائدة، يسكنون قرية من قرى ثمود.

و قيل: كانوا يسكنون ما بين نجران إلى اليمن، و من حضرموت إلى اليمامة.

و هناك قول بأنّهم كانوا يعيشون في اثنتي عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له: الرس في بلاد المشرق، و سمّي النهر باسمهم، و كان لهم ملك يدعى: تركوذ بن غابور بن يارش من سلالة نمرود المعاصر لإبراهيم الخليل عليه السّلام، و كانت عاصمتهم اسفنديار.

و أسماء قراهم هي: آبان، و آذر، و دي، و بهمن، و اسفندار، و فروردين، و ارديبهشت، و خرداد، و مرداد، و تير، و مهر، و شهريور.

كان أصحاب الرس يعبدون شجر الصنوبر و النساء من دون اللّه، و كانت نساؤهم تساحق بعضها بعضا و لا يتقربن من رجالهن، و الرجال يلوط بعضهم ببعض.

و قيل: سمّوا بأصحاب الرس لأنّهم رسوا نبيهم في الأرض.

و على أي حال، كان أصحاب الرس كفارا و مشركين باللّه، و جاءوا بأعمال قبيحة و عادات مستهجنة، و شاكسوا الأنبياء و المرسلين، و قاموا بتعذيبهم و قتلهم، فسلط اللّه عليهم العذاب و الموت حتى أهلكهم عن آخرهم.

قال تعالی فیهم: «وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً»[1] ، «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ»[2] .[3]

المنبع:

أعلام القرآن، ص120

 

[1]الفرقان: 38

[2]: 11

[3]أعلام القرآن، ص120