الكوفة
المجموعات : الأمکنة

الکوفة

الکوفة المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق و يسمّيها قوم خدّ العذراء. طولها تسع و ستون درجة و نصف، و عرضها إحدى و ثلاثون درجة و ثلثان، و هي في الإقليم الثالث. سميت الكوفة لاستدارتها، من قولهم: رأيت كوفانا للرميلة المستديرة.

و قيل: لاجتماع الناس بها، من قولهم: قد تكوّف الرمل إذا ركب بعضه بعضا.

و قيل: لأنها قطعة من البلاد، من قولهم: أعطيته كيفة أي قطعة.

و قیل: لموضعها من الأرض و ذلك أن كل رملة يخالطها حصباء تسمى كوفة.

و قیل: لأن جبل ساتيدما يحيط بها او لجبل صغير في وسطها كان يقال له كوفان.

و قیل: اخذت من قولهم: القوم في كوفان أي في أمر يجمعهم.

و قیل: من الكوفان ای بلاء و شر.

و أما تمصيرها و أوّليته فكانت في أيام عمر بن الخطاب، في السنة التي مصرّت فيها البصرة و هي سنة 17. لما فرغ سعد بن أبي وقّاص من وقعة رستم بالقادسية... كتب سعد إلى عمر فكتب إليه إن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما أصلح الشاة و البعير فلا تجعل بيني و بينهم بحرا و عليك بالريف، فأتاه ابن بقيلة فقال له: أدلك على أرض انحدرت عن الفلاة و ارتفعت عن المبقّة؟ قال: نعم، فدلّه على موضع الكوفة اليوم و كان يقال له سورستان، فانتهى إلى موضع مسجدها فأمر غاليا فرمى بسهم قبل مهبّ القبلة فعلم على موقعه ثم غلا بسهم قبل مهب الشمال فعلم على موقعه ثم علم دار إمارتها و مسجدها في مقام الغالي و فيما حوله، ثم أسهم لنزار و أهل اليمن سهمين فمن خرج اسمه أولا فله الجانب الشرقي و هو خيرهما فخرج سهم أهل اليمن فصارت خططهم في الجانب الشرقي و صارت خطط نزار في الجانب الغربي من وراء تلك الغايات و العلامات و ترك ما دون تلك العلامات فخط المسجد و دار الإمارة فلم يزل على ذلك.

و قال ابن عباس: كانت منازل أهل الكوفة قبل أن تبنى أخصاصا من قصب إذا غزوا قلعوها و تصدّقوا بها فإذا عادوا بنوها فكانوا يغزون و نساؤهم معهم، فلما كان في أيام المغيرة بن شعبة بنت القبائل باللّبن من غير ارتفاع و لم يكن لهم غرف، فلما كان في أيام إمارة زياد بنوا أبواب الآجرّ فلم يكن في الكوفة أكثر أبواب الآجرّ من مراد و الخزرج.

و كان عليّ، عليه السلام، يقول: الكوفة كنز الإيمان و حجة الإسلام و سيف الله و رمحه يضعه حيث شاء. و كان سلمان الفارسي يقول: أهل الكوفة أهل الله و هي قبّة الإسلام يحنّ إليها كلّ مؤمن. و رويت في مسجدها فضائل كثيرة، روى حبّة العرني قال: كنت جالسا عند عليّ، عليه السّلام، فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين

هذه راحلتي و زادي أريد هذا البيت أعني بيت المقدس، فقال، عليه السّلام: كل زادك و بع راحلتك و عليك بهذا المسجد، يعني مسجد الكوفة، فإنه أحد المساجد الأربعة ركعتان فيه تعدلان عشرا فيما سواه من المساجد.[1]

جاء ذکر الکوفه فی تفسیر المراد بالربوة فی قوله تعالی:«و جعلنا ابن مريم و أمه آية و آويناهما إلى ربوة ذات قرار و معين»[2] قال الطبرسی: أي جعلنا مأواهما مكانا مرتفعا مستويا واسعا. و الربوة التي أويا إليها هي الرملة من فلسطين، و قيل دمشق، و قيل مصر، و قيل بيت المقدس، و قيل هي حيرة الكوفة و سوادها و القرار مسجد الكوفة و المعين الفرات عن أبي جعفر و أبي عبد الله علیهما السلام.[3]

المنابع:

معجم البلدان، ج 4، ص 491

مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 7، ص 173

 

[1]معجم البلدان، ج 4، ص 491 بتلخیص و تصرف یسیر.

[2]المؤمنون: 50

[3]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 7، ص 173