السامري
المجموعات : الأشخاص

السامري

اختلف العلماء و المحققون في السامريّ أو الشامريّ، و على الشخص الذي أطلق عليه، و السبب في ذلك، فمنهم من قال: هو لقب لرجل اسمه موسى أو هارون أو ميخا بن ظفر، و قيل: طلف، و قيل: هو لقب رعويل بن قاهث.

و قيل: الشامريّ نسبة إلى شمرون بن يشاكر من ذراري نبيّ اللّه يعقوب عليه السّلام.

و قيل: إنّ السامريّ كلّ من ينسب إلى مدينة السامرة بفلسطين،

و قيل: نسبة إلى قبيلة سامر الإسرائيليّة، و قيل: نسبة إلى السامريّين، و هم فرع من الآشوريّين اعتنقوا اليهودية، و كانت لديهم نسخة من التوراة بلغتهم تختلف مضامينها عن بقيّة نسخ التوراة، و قيل: كلمة السامريّ تطلق على كلّ مرتدّ عن دين موسى بن عمران عليه السّلام، و قيل: السامريّ أو الشامري نسبة إلى سامر أو شامر أو شامرة أو شومير أو شاميرون، و معناه: الحارس.

و على أيّ تقدير، فأنّ السامريّ إسرائيليّ و من أصحاب موسى بن عمران عليه السّلام، و كان على مقدّمة رجال يوم عبور البحر، عرف بالسخاء و الكرم، و كان عالما بالنجوم و الصياغة، و ملمّا بالكهانة.

يقال: إنّه من أهل كرمان من بلاد فارس، و قيل: كان من أهل باجرمى قرب الرقة بأرض الجزيرة، و كان من قوم يعبدون البقر.

و هناك قول بأنّه لم يكن مؤمنا بشريعة موسى عليه السّلام، بل كان مشركا منافقا، يظهر الإيمان لموسى عليه السّلام و لبني إسرائيل و يبطن الكفر، و يقال: إنّه ولد من سفاح.

و السامريّ هو صاحب العجل الذي عبده بنو إسرائيل، و قصة السامريّ و عجله هي:

بعد أن قرّر موسى بن عمران عليه السّلام الذهاب إلى ميقات اللّه و لاستلام التوراة خلّف أخاه هارون عليه السّلام على بني إسرائيل، و حدّد مدّة غيابه عنهم ثلاثين يوما، و بعد أن أخّره الباري إلى تمام الأربعين استبطأه الإسرائيليّون، فانتهز السامريّ غيبته عن قومه، فأخذ الحليّ الذهبيّة من نساء بني إسرائيل و صهرها في النار و عمل منها عجلا ذهبيا، و أجرى عليه عملية فنيّة دقيقة، بحيث إذا دخلت الريح من دبر العجل و خرجت من فمه صدر منه صوت كخوار العجل الطبيعي، فلما سمع اليهود صوت العجل فرحوا بذلك و رقصوا له، فكان السامريّ يقول لهم: هذا إلهكم و إله موسى عليه السّلام، فعكفوا على عبادة العجل و أقاموا الاحتفالات لذلك.

و يقال: إنّ السامريّ عند ما عبر البحر و هو على مقدمة جماعة موسى رأى جبرئيل عليه السّلام و هو على ظهر برذون، فكان ذلك البرذون كلّما وضع حافره على مكان من الأرض تحرّك ذلك الموضع، فأخذ السامريّ مقدارا من تراب وقع عليه حافر البرذون للاستشفاء و التبرّك، فلمّا ساءت عاقبته و صنع العجل قال له إبليس: ضع مقدارا من ذلك التراب في جوف العجل، ففعل السامريّ ذلك، فأخذ العجل يتحرّك و يخور كما يخور العجل الحقيقيّ، فلما رأى الإسرائيليّون حركة العجل و خواره سجدوا له و عبدوه.

فلمّا علم هارون عليه السّلام بخبر قومه مع السامريّ و عجله سعى إليهم و زجرهم و نهاهم عن عبادة عجل لا ينفعهم و لا يضرّهم، و قدّم لهم البراهين و الحجج بأنّهم فتنوا و غلبوا على أمرهم، و أنّ الشيطان و السامريّ أضلّوهم و غشّوهم، فقابلوه بالعناد و الإهانة و همّوا بقتله، فهرب منهم.

و بعد أن رجع موسى عليه السّلام من الميقات و معه التوراة إلى قومه و علم بخبرهم غضب لذلك، و أخذ العجل و حطّمه و ألقى بحطامه في البحر، و ألقى القبض على السامريّ و همّ بقتله، و لكنّ اللّه سبحانه و تعالى نهاه عن ذلك، فنفاه عن فلسطين، و أمر الإسرائيليين بمقاطعته و عدم مخالطته و مجالسته.

هام السامريّ بعد تلك المضايقات على وجهه في البراري و القفار مع الوحوش و السباع.

جعله اللّه منبوذا بين الناس، يتوقّاه كلّ أحد كما يتوقّى السالم المجذوم، فكان يتألّم ألما شديدا إذا مسّه أحد من الناس، فكان إذا رأى الناس يرجوهم أن لا يمسّوه، و يقول لهم: لا مساس، لا تمسّوني، و لا تقربوا منّي، و لم يزل على تلك الحالة التعسة حتى هلك.

أمّا عبدة العجل من أتباعه فندموا على فعلهم، و قرّروا أن يتوبوا إلى اللّه، فصدرت الأوامر من السماء بأنّ توبتهم لا تقبل إلّا أن يقتل بعضهم بعضا، فجاءوا إلى بيت المقدس و معهم سكاكين و سيوف و آلات جارحة، فتقاتلوا فيما بينهم حتى هلك منهم ما يربوا على عشرة آلاف أو سبعين ألفا، و جرح الكثيرون.

و بعد تلك الملحمة الدمويّة أخبر اللّه موسى عليه السّلام بأنه تاب عليهم، و عليه أن يوقف القتال بينهم، فأمرهم موسى عليه السّلام بالكفّ عن ذلك.

تحدّثت بعض الآيات من سورة طه عن السامريّ و عجله[1] .[2]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 429

 

[1]طه: 85 - 97

[2]أعلام القرآن، ص 429