يأجوج و مأجوج
يأجوج و مأجوج، و قيل: آجوج و ماجوج، و قيل: في ماجوج يمجوج، و هما اسمان أعجميّان لقبيلتين وحشيّتين من قبائل السكائيّة المنحدرة من يافث ابن نبيّ اللّه نوح عليه السّلام.
جاء اسمهم في التوراة على النحو التالي: جوج من أبناء يافث ابن نوح، و ماجوج اسم أرض كان يسكنها قبائل من سلالة جوج. كانوا يسكنون في جبال القفقاس- القوقاز- الواقعة بين بحر الخزر و البحر الأسود، و قيل: كانت بلادهم في الشمال الشرقيّ من آسية الصغرى.
كانوا كالحيوانات الوحشيّة، يأكلون لحوم الناس، و يشربون دماءهم، و يعيشون عيشة الحيوانات الكاسرة، و يشنّون الغارات على جيرانهم، و يفتكون بأيّ إنسان يواجههم، و يخرّبون ما يمرّون به من العمارات و الدور و المزارع، و كانوا كفّارا يحاربون كلّ ماله صلة بالإيمان باللّه تعالى، و كانوا صلع الرءوس، عراض الوجوه.
أكثر غاراتهم و هجماتهم كانت على بلاد فارس و ما جاورها، فيلحقون بها الخراب و الدمار؛ ممّا اضطرّ الملك الفارسي كورش أو داريوش- و قيل: الإسكندر أن يبني سدّا ضخما ذا أبواب مصنوعة من الحديد و النحاس؛ ليوقف زحفهم و فسادهم، و لمّا أصبح السدّ عائقا بينهم و بين بلاد فارس و ما جاورها من البلاد اتّجهوا نحو البلاد الأوروبيّة، فعاثوا فيها الفساد، و قضوا على دولة الرومان.
لهم حروب و وقائع كثيرة مع ملوك الصين، و وصلت فلولهم إلى غرب آسية و شمال إفريقية.
روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «يأجوج أمّة، و مأجوج أمّة، و كلّ أمّة أربعمائة أمّة، لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه» ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: «هم ثلاثة أصناف: صنف منهم مثل شجرة الأرز، و صنف منهم طولهم و عرضهم سواء، و صنف فيهم يفترش إحدى أذنيه و يلتحف بالأخرى، و لا يمرّون بشي ء إلّا أكلوه، مقدّمتهم بالشام، و مؤخّرتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق و المغرب».
و عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «صنف منهم في طول شبر، و صنف منهم مفرط الطول، لهم مخالب الطير، و أنياب السباع، و تداعي الحمام، و تسافد البهائم، و عواء الذئب، و أحناك كأحناك الإبل، و شعور تقيهم الحرّ و البرد، و آذان عظام».
للمؤرّخين و المحقّقين آراء متعدّدة بالنسبة ليأجوج و مأجوج منها:
قيل: هم نادرة من ولد آدم عليه السّلام؛ و ذلك بأنّ آدم عليه السّلام أبا البشر احتلم ذات يوم و امتزجت نطفته بالتراب، فخلق اللّه من ذلك الماء و التراب يأجوج و مأجوج.
و هناك قول بأنّ يأجوج من الترك، و مأجوج من الجيل و الديلم.
و قيل: كانوا على قسمين: قسم طوال مفرط الطول، و قسم قصار مفرط القصر.
و هناك رأي يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ كان يميتهم و يهلكهم بواسطة العقارب و الضفادع، فكانت تدخل في آذانهم فيهلكون منها.
و قيل: إنّ يأجوج اسم للذكران، و مأجوج للإناث.
و يرى بعضهم أنّ مأجوج اسم بلاد التتار، و جنكيز خان كان أصله من تلك القبيلتين الهمجيّتين.
و قيل: يأجوج و مأجوج هم أهل الصين.
و ذهب البعض إلى القول بأنّهم كانوا ستّ قبائل: يأجوج و مأجوج و تأويل و تاريس و منسك و كمارى، و كانوا يعتاشون على حوتين يقذفهما البحر إليهم في كلّ سنة، و المسافة بين رأس كلّ حوت و ذنبه مسيرة عشرة أيّام.
القرآن المجيد و يأجوج و مأجوج :
قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ..إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ... وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ... الكهف (93 و 94 و99)
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ ... (الأنبياء 96).[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 1045
[1]أعلام القرآن، ص 1045