تیذوسیس(مَلِک أفسوس)
المجموعات : الأشخاص

تیذوسیس(مَلِک أفسوس)

تیذوسیس(تيدوسيوس) الملك الصالح الّذي ظهر في أيامه أصحاب الكهف.[1]

قال محمد بن إسحاق: ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له تيدوسيس ، فلما ملك بقي في ملكه ثمانيا و ثلاثين سنة فتحزب الناس في ملكه، و كانوا أحزابا؛ منهم من يؤمن بالله و يعلم أن الساعة حق، و منهم من يكذب بها، فكبر ذلك على الملك الصالح، و بكى إلى الله عز و جل، و تضرع إليه، و حزن حزنا شديدا. فلما رأى أهل الباطل يزيدون و يظهرون على أهل الحق و يقولون: لا حياة إلا الحياة الدنيا، و إنما تبعث الأرواح و لا تبعث الأجساد فأما الجسد فتأكله الأرض. و نسوا ما في الكتاب، فجعل تيدوسيس يرسل إلى من يظن فيه خيرا و أنه معه في الحق، فجعلوا يكذبون بالساعة حتى كادوا يحولون الناس عن الحق و ملة الحواريين. فلما رأى ذلك الملك الصالح تيدوسيس دخل بيته و أغلقه عليه و لبس مسحا و جعل تحته رمادا ثم جلس عليه فدأب ليله و نهاره زمانا يتضرع إلى الله و يبكي مما يرى فيه الناس، و يقول: أي رب، قد ترى اختلاف هؤلاء الناس، فابعث إليهم من يبين لهم. ثم إن الرحمن الرحيم الذي يكره هلكة العباد أراد أن يظهر على الفتية أصحاب الكهف و يبين للناس شأنهم و يجعلهم آية له و حجة عليهم، و ليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن يستجيب لعبده الصالح تيدوسيس و يتم نعمته عليه، و لا ينزع عنه ملكه و لا الإيمان الذي أعطاه، و أن يعبد الله و لا يشرك به شيئا، و أن يجمع من كان ببلده من المؤمنين.

فألقى الله عز و جل في نفس رجل من أهل ذلك البلد الذي به الكهف و كان اسم ذلك الرجل أولياس أن يهدم ذلك البنيان الذي على فم الكهف، فيبني به حظيرة لغنمه، فاستأجر عاملين فجعلا ينزعان تلك الحجارة و يبنيان بها تلك الحظيرة حتى نزعا ما على فم الكهف، و فتحا عليهم باب الكهف، فحجبهم الله تعالى من الناس بالرعب. فيزعمون أن أشجع من يريد أن ينظر إليهم أن يدخل من باب الكهف لم يتقدم حتى يرى كلبهم دونهم إلى باب الكهف، نائما.

فلما نزعا الحجارة و فتحا باب الكهف أذن الله عز و جل بالقدرة و العظمة و السلطان محيي الموتى للفتية أن يجلسوا بين ظهراني الكهف، فجلسوا فرحين مسفرة وجوههم طيبة أنفسهم، فسلم بعضهم على بعض كأنما استيقظوا من ساعتهم التي كانوا يستيقظون بها إذا أصبحوا من ليلتهم التي يبيتون فيها. ثم قاموا إلى الصلاة فصلوا كالذي كانوا يفعلون، لا يرى في وجوههم و لا أبشارهم و لا ألوانهم شي ء ينكرونه، و إنما هم كهيئتهم حين رقدوا، و هم يرون أن ملكهم دقيانوس الجبار في طلبهم. ......».[2]

المنابع:

التنبيه و الإشراف، ص105

الكشف و البيان، ج 6، ص 151

 

[1]التنبيه و الإشراف، ص105

[2]الكشف و البيان، ج 6، ص 151