العسل
العسل: لُعاب النّحل.[1] یذکر و یؤنث.
العسل فی القرآن اما من نعم الدنیا و هو الذی اشیر الیه فی قوله تعالی: «ثُمَّ كُلي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ»[2] . نری ان الآیة تشیر الی مبدأ تکوین العسل و اثره للإنسان:
فالاول: ان عمل النحل لا ينحصر بأخذ المادة السكرية فقط، بل يتعدى ذلك في بعض الأحيان للاستفادة من بعض أجزاء الورود الأخرى، و كذا الحال مع الأثمار، و هو ما يشير إليه القرآن بقوله: من كل الثمرات . کما قد يتصور بأن النحل يمتص رحيق الأوراد و يجمعه في فمه ثم يخزنه في الخلية، و هذا خلاف الواقع، فالنحلة تجمع الرحيق في حفر خاصة داخل بدنها يطلق عليها علميا اسم (الحوصلة) و هي بمثابة معامل مختبرات كيمياوية خاصة تقوم بعمليات تحويل و تغيير مختلفة لرحيق الأزهار، حتى يصل إلى إنتاج العسل، الذي تقوم النحلة بإخراجه و جمعه في الخلية.
و الثانی: انه شفاء للناس. نعلم بأن للنباتات و الأوراد استعمالات علاجية فعالة لكثير من الأمراض لکن المهم ما توصل إليه العلماء من خلال تجاربهم التي أكدت على أن للنحل من المهارة بحيث أنه في علمية صنعه للعسل لم يبذر فيما تحويه النباتات و الأوراد من خواص علاجية، فالنحل ينقل تلك الخواص بالكامل و يجعلها في العسل و قد صرح العلماء بكثير من تلك الخواص الوقائية و العلاجية و المقوية.
فالعسل سريع الامتصاص من قبل الدم، و لهذا فهو غذاء مقو و مؤثر جدا في تكوين الدم، ينقي المعدة و الأمعاء من العفونة، رافع لليبوسة، و هو علاج ضد الأرق، له أثر مهم في رفع التعب و تشنج العضلات، يقوي الشبكية العصبية للأطفال إذا ما أطعمت الأم أثناء الحمل، و يرفع نسبة الكالسيوم في الدم، و نافع لتقوية الجهاز الهضمي، و بما أنه سريع الاحتراق فهو يعمل على توليد الطاقة بسرعة فائقة بالإضافة لترميمه للقوى، مقو للقلب، مساعد في علاج أمراض الرئة، نافع للإسهال لخاصيته في قتل المكروبات، و مع ذلك كله فإنه يدخل في صناعة الأدوية لتلطيف الجلد و للتجميل، و يستعمل لطول العمر، و لعلاج و رم الفم و اللسان و العين، و يستعمل أيضا لمعالجة الإرهاق، و تشقق الجلد، و ما شابه ذلك.
أما المواد و الفيتامينات الموجودة في العسل فكثيرة جدا. و فيه من المواد المعدنية: الحديد، الفسفور، البوتاسيوم، اليود، المغنيسيوم، الرصاص، النحاس، السلفور، النيكل، الصوديوم و غيرها. و من المواد الآلية فيه: الصمغ، حامض اللاكتيك، حامض الفورميك، حامض السيتريك و التاتاريك و الدهون العطرية. أما ما يحويه من الفيتامينات، ففيه، فيتامينات (أ، ب، ث، د، ك).
و أثبت العلم الحديث أن العسل من المواد الغذائية التي تبقى على الدوام طازجة و سالمة و محافظة على كل ما تحويه في فيتامينات مهما طالت المدة لأنه من المواد غير القابلة للفساد. و يعزو العلماء سبب ذلك لوجود نسبة البوتاسيوم الوافية فيه المانع من نمو الجراثيم، بالإضافة لاحتوائه على بعض المواد المقاومة للعفونة كحامض الفورميك فمضافا لكون العسل مانع من نمو الجراثيم، فهو قاتل لها أيضا و لهذا السبب فقد استعمله المصريون القدماء في عملية التحنيط.[3]
و إما اخروی من نعم الجنة و هو الذی صرح به فی قوله تعالی: «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى»[4] . أي خالص من الشمع و الرغوة و القذى و من جميع الأذى و العيوب التي تكون لعسل الدني.[5]
يستفاد من القرآن أن في الجنة أنهارا و عيونا مختلفة، و لكل منها فائدة و لذة خاصة، و قد ورد ذكر أربعة منها هنا و التعبير بالأنهار يوحي بأن كلا منها ليس نهرا واحدا، بل أنهار عديدة. يمكن أن يكون الأول لرفع العطش، و أما الثاني كغذاء، و الثالث يبعث النشاط و الحيوية، و الرابعة يوجد القوة و اللذة. و الطريف أنه يستفاد من آيات القرآن الأخرى أن كل أصحاب الجنة لا يشربون من كل هذه الأشربة، بل أن لها مراتب يشرب أصحاب كل مرتبة من الأشربة الموجودة في درجتهم.[6]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 454
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 152
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8، ص 241
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 16، ص 359
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 454
[2]النحل: 69
[3]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8، ص 241
[4]محمد: 15
[5]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 152
[6]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 16، ص 359