أصحاب الحِجر

أصحاب الحِجر

هم قوم ثمود الذین كانوا يسكنون بالحجر بين الحجاز و الشام إلى وادي القرى، و كانوا يعرفون بأصحاب الحجر، و كانوا من العرب العاربة يتكلمون العربية، و يعمّرون طويلا.كانوا من بقايا قوم عاد، أو تحت نفوذهم، و كانوا كفّارا يعبدون الأصنام من دون اللّه، بلغت أصنامهم أكثر من سبعين صنما.[1]

انهم قوم عصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر» و قد بعث اللّه إليهم نبيّه صالح عليه السّلام لهدايتهم. و يقول القرآن عنهم: «وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ »[2] و لكن أين تقع هذه البلدة؟ يذكر بعض المفسّرين و المؤرخين: أنّها كانت على طريق القوافل بين المدينة و الشام في منزل يسمى (وادي القرى) في جنوب (تيماء) و لا أثر لها اليوم- تقريبا. و يذكرون أنّها كانت إحدى المدن التجارية في الجزيرة العربية، و لها من الأهمية بحيث ذكرها (بطليموس) في مذكراتها لكنها إحدى المدن التجارية. و كذلك ذكرها العالم الجغرافي (بلين) باسم (حجري). و نستشف من بعض الرّوايات أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند ما قاد جيشا لدفع جيش الروم في السنة التاسعة للهجرة، أراد الجنود أن يتوقفوا في هذا المكان، فمنعهم النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال: هنا نزل عذاب اللّه على قوم ثمود.

قال تعالی :«وَ آتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ »[3] و موقف الأعراض المشار إليه هو عدم استعدادهم لسماع الآيات و التفكر بها. و تشير الآية إلى أنّهم كانوا من الجد و الدقّة في أمور معاشهم و حياتهم الدنيوية حتى أنّهم «وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ» [4] . و هو ما يبيّن لنا أنّ منطقتهم كانت جبلية، بالإضافة إلى ما توصلوا إليه من مدنية متقدمة، حيث أصبحوا يبنون بيوتهم داخل الجبال ليأمنوا من السيول و العواصف و الزلازل. و أيّ عاقبة ينتظرون بعد عنادهم و كفرهم غير أن يطبق عليهم القانون الإلهي الموعدين به (البقاء للإصلاح) و عدم إعطاء حق إدامة الحياة لأقوام فاسدين و مفسدين .. فليس لهؤلاء سوى البلاء المهلك، و لهذا يقول القرآن: «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ »[5] . و كانت «الصيحة» عبارة عن صوت صاعق مدمر نزل على دورهم و كان من القّوة و الرهبة بحيث جعل أجسادهم تتناثر على الأرض. و الشاهد على ما قلناه ما فی قوله: «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ»[6] . فالعذاب الإلهي لا تقف أمامه الجبال الشاهقة، و لا البيوت المحصنة، و لا الأبدان القوية أو الأموال الوافرة، و لهذا يأتي في نهاية قصتهم «فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ »[7] .[8]

المنابع:

أعلام القرآن، ص 501

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8 ، ص 104

 

[1]أعلام القرآن، ص 501

[2]الحجر: 80

[3]الحجر:81

[4]الحجر: 82

[5]الحجر:83

[6]فصلت: 13

[7]الحجر: 84

[8]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8 ، ص 104