الشِهاب
المجموعات : السماء والعالم

الشِهاب

الشِّهَاب : الشّعلة السّاطعة من النار الموقدة، و من العارض في الجوّ.[1]

فمن الاول قوله تعالی:« اِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون »[2] .

و من الثانی قوله تعالی فیما یرتبط بالشهاب و الشیاطین: «وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَ زَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ »[3] . و قد ورد ذات المضمون في سورة الصافات الآيتان 6 و 7 و كذلك في سورة الجن الآية 9.

و الآيات التی فی الشهب و الشیاطین أشبعت شرحا و تفسيرا من قبل المفسّرين:

فمنهم من اكتفی بالتّفسير الإجمالي و لم يغص إلى كثير من التفاصيل.

و يصرّ جمع و خصوصا القدماء منهم على الوقوف عند المعنى الظاهري لهذه الآيات. فالسماء هي هذه السماء، و الشهاب هو ما نراه و نسميه شهابا و الشيطان هو ذلك الموجود الخبيث المتمرد الذي يحاول أن يخترق أعماق السماوات ليطلع على أخبار ذلك العالم ليوصل تلك الأخبار إلى أوليائه الأشرار على الأرض من خلال استراقه السمع، و لكنّه يمنع من الوصول إلى هدفه برميه بالشهب.

و ذهب جمع إلى حمل الآيات على التشبيه و الكناية و ضرب الأمثال، أو ما يسمّى بالبيان الرمزي.

ففي تفسير الميزان: یحتمل ان يكون المراد من السماء التي تسكنها الملائكة عالما ملكوتيا ذا أفق أعلى، نسبته إلى هذا العالم المشهود نسبة السماء المحسوسة بأجرامها إلى الأرض، و المراد لاقتراب الشياطين من السماء و استراقهم السمع و قذفهم بالشهب اقترابهم من عالم الملائكة للاطلاع على أسرار الخلقة و الحوادث المستقبلة و رميهم بما لا يطيقونه من نور الملكوت .

و قال الطنطاوي: ما المانع أن تكون هذه التعبيرات كناية، فيكون المنع الحسي رمزا للمنع العقلي، و الكناية من أجمل أنواع البلاغة، ألّا ترى أن كثيرا من الناس حولك محبوسون في هذه الأرض، غائبة أبصارهم، لا يسمعون إلى الملأ الأعلى و لا يفهمون رموز هذه الدنيا و عجائبها و قد قذفوا من كل جانب، مطرودين حيث طردتهم شهواتهم و عداواتهم و كبرياؤهم و حروبهم و طمعهم و شرهم عن تلك المعاني العالية و إن أصيب أحد بهذه الأهواء يوما بسبب التلوثات التي تملأ قلبه و روحه فإنّه سيطرد أيضا.

و يظهر لنا من خلال قرائن و شواهد كثيرة أن المقصود من السماء هو سماء الحق و الحقيقة، و أنّ الشياطين ذوي الوساوس يحاولون أن يجدوا لهم سبيلا لاختراق السماء و استراق السمع، ليتمكنوا من إغواء الناس بذلك، و لكنّ النجوم و الشهب و هم القادة الربانيون من الأنبياء و الأئمّة و العلماء يبعدونهم و يطردونهم بالعلم و التقوى. و هذا ما يساعدنا على فهم الترابط بين ولادة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو ولادة المسيح عليه السّلام، و بين طرد الشياطين عن السماء. و لكن بما أن القرآن الكريم بحر غير متناه، فلا ينبغي البناء القطعي على هذا التأويل، و ربّما المستقبل سيحفل بتفسير آخر لهذه الآيات مستندا على حقائق لم نصل لها في زماننا.[4]

المنابع:

مفردات ألفاظ القرآن، ص 465

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8، ص 38

 

[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 465

[2]النمل: 7

[3]الحجر: 16 - 18

[4]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 8، ص 38