الجودي
المجموعات : الأمکنة

الجوديّ

الأصل في هذه المادّة الجود، أي السّخاء. و الجوديّ: نسبة إلى الجود، و هو أحد جبلي طيّئ في شبه جزيرة العرب، استوت عليه سفينة نوح. و قد ورد ذكره في الشّعر الجاهليّ و الإسلاميّ.

و أصفق المفسّرون على أنّ الجوديّ جبل يقع بين النّهرين قرب الموصل، و عليه استوت سفينة نوح. و صرّح بعضهم بأنّه يطلّ على جزيرة ابن عمر، و هذه الجزيرة تقع في الجانب الشّرقيّ من دجلة، شمال الموصل. و لكن شتّان ما بين الجبلين: جبل الجوديّ في جزيرة العرب، و جبل الجوديّ في شمال الموصل الّذي سمّي بعد فتح هذه المنطقة من قبل المسلمين: جزيرة ابن عمر. فعلى أيّ منهما استوت سفينة نوح؟

و لعلّ المسلمين من الرّعيل الأوّل كانوا يعنون بهذه التّسمية جوديّ طيّئ، و لمّا هاجروا من مكّة إلى المدينة، و اختلطوا بأهل الكتاب القاطنين فيها، تأثّر بعضهم بأفكارهم و أخبارهم، و تمخّض ذلك بطائفة عظيمة من الأخبار، أسماها العلماء «الرّوايات الإسرائيليّة»، و منها أخبار الطّوفان و سفينة النّبيّ نوح عليه السّلام و صفتها و مرساها؛ إذ جاء في سفر التّكوين «و استقرّ الفلك في الشّهر السّابع في اليوم السّابع عشر من الشّهر على جبال أراراط». و تقع سلسلة جبال «أراراط» شمال جزيرة ابن عمر، من إقليم أرمينيّة، إلّا أنّ المسلمين أطلقوا عند مجيئهم إلى هذه المنطقة فاتحين اسم «الجوديّ» على جبل يقع جنوب هذه السّلسلة، و لا يزال يعرف حاليّا بجبل الجوديّ، أو جبال «جوردين».

قال تعالی فی قصة نوح علیه السلام:«وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»[1] الجوديّ كما قال المفسّرون: اسم جبل معروف قرب «الموصل» في شمال العراق، أو قرب «آمد»، أو في «جزيرة ابن عمر»، استقرّت عليه سفينة نوح عليه السّلام. و يمكن أن يكون الجميع واحدا، و هو الجزء الشّماليّ من العراق و قرب الشّام. و يمكن أن يكون التّعبير بكلمة «الجوديّ» إشارة إلى مفهومه الوصفيّ لا جبل خاصّ، فالمراد جبل صلب مرتفع غير رخو، و هو المقتضي لتوقّف السّفينة عليه لينزل ركّابها في الأرض، و لكنّ المشهور هو الأوّل. و إنّ الجوديّ هو سلسلة جبال (گاردين) على قول، يسمّيها الأكراد (كاردي) بلهجتهم، و اليونانيّون (جورديّ)، و العرب (الجوديّ).[2]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 412

 

[1]هود: 44

[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 412