الرُوم‏
المجموعات : الأمکنة

الروم

الروم جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم.

قال بعض: الروم من ولد روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم. تزوّج عيصو بسمة بنت إسماعيل و كان رجلا أشقر فولدت له الروم. و سمّوا بني الأصفر لشقرتهم لأن الشقرة إذا أفرطت صارت صفرة صافية، و قيل: إن عيصو كان أصفر لمرض كان ملازما له.

إنّما سميت الروم لأنّهم كانوا سبعة راموا فتح دمشق ففتحوها و قتلوا أهلها و كان سكانها سكرة للعازر بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح، ثمّ جعلوا يتقدمون حتى انتهوا إلى أنطاكية ثمّ جاءت بنو العيص فأجلوهم عمّا افتتحوا و سكنوه حتى انتهوا إلى القسطنطينيّة فسكونها فسموا الروم بما راموا من فتح هذه الكور، و بنى القسطنطينيّة ملك من بني العيص يقال له بزنطي، و يقال: سميت الروم بروم بن بزنطي.

أمّا حدود الروم فمشارقهم و شمالهم الترك و الخزر و رسّ، و هم الروس، و جنوبهم الشام و الإسكندرية و مغاربهم البحر و الأندلس، و كانت الرّقّة و الشامات كلّها تعدّ في حدود الروم أيّام الأكاسرة، و كانت دار الملك أنطاكية إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم.[1]

الرُّوم اسم غلب في كلام العرب على أمة مختلطة من اليونان و الصقالبة و من الرومانيين الذين أصلهم من اللاطينيين سكان بلاد إيطاليا نزحوا إلى أطراف شرق أوروبا. تقومت هذه الأمة المسماة الروم على هذا المزيج فجاءت منها مملكة تحتل قطعة من أوروبا و قطعة من آسيا الصغرى و هي بلاد الأناضول. و قد أطلق العرب على مجموع هذه الأمة اسم الروم تفرقة بينهم و بين الرومان اللاطينيين.[2]

سمیت سورة من القرآن بالروم و قال تعالی فیها: «غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ»[3] .

نزلت هذه الآيات في أعقاب الحرب التي دارت بين الروم و الفرس، و انتصر الفرس على الروم، و كان النّبي حينئذ في مكّة، و المؤمنون يمثلون الأقلية. فاعتبر المشركون هذا الإنتصار للفرس فألا حسنا، و عدّوه دليلا على حقانية المشركين و «الشرك»، و قالوا: إن الفرس مجوس مشركون، و أمّا الروم فهم مسيحيون و من أهل الكتاب فكما أن الفرس غلبوا الروم فإن الغلبة النهائية للشرك أيضا. فنزلت الآيات: لئن غلب الفرس الروم ليأتينّ الغلبة للروم خلال فترة قصيرة.

يقول القرآن غلبت الروم فی اقرب ارض الی مكّة، إذ أنّهم في شمال جزيرة العرب، في أراضي الشام في منطقة بين «بصرى» و «أذرعات» فهم الروم الشرقيون، لا الروم الغربيون. او يكون المراد بأدنى الأرض المكان القريب من بلاد فارس، أي إن المعركة وقعت في أقرب نقطة بين الفرس و الروم. او المراد اقرب من أرض الروم، أي إنّهم غلبوا في أقرب حدودهم مع بلاد فارس، و هذا يشير إلى أهمية هذا الاندحار و عمقه.

لكي نعرف المقطع التاريخي الذي حدثت فيه المعارك بين الروم و الفرس، يكفي أن نعرف في ذلك التاريخ أن حربا طويلة حدثت في عهد خسرو پرويز ملك الفرس مع الروم استمرت زهاء أربع و عشرين سنة، حيث دامت من سنة 604 ميلادية إلى سنة 628.

و في حدود سنة 616 ميلادية هجم قائدان عسكريان في الجيش الفارسي هما: شهر براز و شاهين على الحدود الشرقية للروم، فهزما الروم هزيمة نكراء، و سيطرأ على منطقة الشامات و مصر و آسيا الصغرى، فواجهت الروم الشرقية بسبب هذه الهزيمة حالة الانقراض تقريبا، و استولى الفرس على جميع ما كان تحت يد الروم من آسيا و مصر.

و كان ذلك في حدود السنة السابعة للبعثة غير أنّ ملك الروم هرقل بدأ هجومه على بلاد فارس سنة 622 ميلادية و ألحق هزائم متتابعة بالجيش الفارسي، و استمرت هذه المعارك حتى سنة 628 لصالح الروم، و غلب خسرو پرويز، و انكسر انكسارا مريرا، فخلعه الفرس عن السلطنة و أجلسوا مكانه ابنه شيرويه.

و بملاحظة أنّ مولد النّبي صلّى اللّه عليه و آله كان سنة 571 ميلادية و كانت بعثته سنة 610 ميلادية، فإن هزيمة الروم وقعت في السنة السابعة للبعثة، و كان انتصارهم بين سنتي خمس و ست للهجرة النبوية، و من المعلوم أن السنة الخامسة حدثت فيها معركة الخندق، و تم في السنة السادسة صلح الحديبية، و بطبيعة الحال فإن تنقّل الأخبار عن حرب فارس و الروم إلى منطقة الحجاز و مكّة كانت تستوعب عادة فترة من الزمان، و بهذا ينطبق هذا الخبر القرآني على هذه الفترة التاريخية بوضوح.[4]

المنابع:

معجم البلدان، ج 3، ص 100

التحرير و التنوير، ج 21، ص 8

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 12، ص 467 الی 476

 

[1]معجم البلدان، ج 3، ص 100

[2]التحرير و التنوير، ج 21، ص 8

[3]الروم: 1 - 2

[4]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 12، ص 467 الی 476