أبو عامر الراهب (الفاسق)
أبو عامر عبد عمرو بن صيفي، و قيل: صفي بن النعمان بن مالك بن أميّة بن ضبيعة الخزرجي، الضبيعي، المشهور بالراهب، والد حنظلة غسيل الملائكة.
كان من رؤساء و أشراف قومه في الجاهليّة، و كان نصرانيا، و قد ترهّب و لبس المسوح فعرف بالراهب.
كان عالما بالتوراة و الإنجيل، و كان يحدّث الناس عن صفات النبي صلّى اللّه عليه و آله و مميزاته كما ذكرت في الكتب المقدّسة.
لما بزغ نور الإسلام و بعث النبيّ محمد صلّى اللّه عليه و آله، دعاه إلى الإسلام، و لكنّه أبى و استكبر، و أصبح عنصرا شريرا، منافقا، كافرا، فسمّاه النبي صلّى اللّه عليه و آله: الفاسق بدل الراهب.
اجتمع بالنبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، و قال له: ما هذا الدين الذي جئت به؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: جئت بالحنيفيّة، دين إبراهيم، فقال: أنا عليها، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:
إنّك لست عليها، قال: بلى، ثم قال: إنّك أدخلت يا محمد في الحنيفيّة ما ليس فيها، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: ما فعلت، و لكنّي جئت بها بيضاء نقيّة، قال أبو عامر: الكاذب.
أماته اللّه طريدا غريبا وحيدا، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: أجل، فمن كذب فعل اللّه تعالى ذلك به. فتحقّق ذلك عند ما خرج إلى مكّة و أقام بها، و لمّا افتتح النبي صلّى اللّه عليه و آله مكّة هرب إلى الطائف، فلمّا أسلم أهل الطائف هرب إلى بلاد الشام، و لم يزل بها حتّى هلك؛ طريدا غريبا وحيدا.
كان من المحرّضين على النبي صلّى اللّه عليه و آله في واقعتي بدر و أحد، و كان يقول لقريش: إنّكم على الحقّ، و ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه و آله باطل.
أصدر أوامره- و هو بالشام- إلى جماعته من المنافقين بأن يبنوا مسجدا مناوئا للنبي صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين، فبنوا مسجد الضرار.
و لم يزل مشرّدا طريدا حتّى هلك بالشام، و قيل: بالحبشة في السنة التاسعة من الهجرة.
شملته الآية 101 من سورة التوبة: «وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ ...». و نزلت فيه الآية 107 من نفس السورة: «وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ...».[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 585
[1]أعلام القرآن، ص 585