أبو وهب جدّ(حرّ) بن قیس
هو أبو وهب، و قيل: أبو عبد اللّه جد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم الأنصاري، السلمي، الخزرجي. من رؤساء المنافقين الّذين ابتلي بهم النبي صلّى اللّه عليه و آله.
كان سيّد بني سلمة، عرف بالجبن و البخل و الاستهتار بالنساء. لم يبايع النبي صلّى اللّه عليه و آله يوم بيعة الرضوان في صلح الحديبية سنة 6 للهجرة، و استتر تحت بطن راحلة النبي صلّى اللّه عليه و آله. مات في عهد عثمان بن عفان.
كان على رأس المتخلّفين و المتقاعسين عن الحرب في غزوة تبوك سنة 9 للهجرة، و ذلك لمّا اجتمعت عساكر المسلمين، و خطب فيهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و حثّهم على القتال و الذب عن الإسلام، و بعد الخطبة اجتمع حول النبي صلّى اللّه عليه و آله جماعة من المنافقين بينهم المترجم له، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا وهب أ لا تنفر معنا في هذه الغزاة؟ لعلّك متخذ من بنات الأصفر- أي بنات الروم و اليونان- سراري و وصفاء، فقال: يا رسول اللّه! و اللّه! إنّ قومي ليعلمون أنّه ليس فيهم أحد أشدّ عجبا بالنساء منّي، و أخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر، فلا تفتنّي و ائذن لي أن أقيم. ثم أخذ يحرّض الناس على عدم الخروج مع النبي صلّى اللّه عليه و آله لشدّة الحرّ، فردّ عليه ابنه قائلا: تردّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تقول له ما تقول، ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحرّ.
و بعد تلك المحاورة نزلت فيه الآية 49 من سورة التوبة: «وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَ لا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ...».
و نزلت فيه الآية 53 من نفس السورة: «قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ».
و لنفاقه و تقاعسه عن غزوة تبوك نزلت فيه كذلك الآية 81 من التوبة: «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ...» فكانت تلك الآية سببا في فضيحته و فضيحة أصحابه.
و بعد رجوع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين من غزوة تبوك اتفق المترجم له و من على شاكلته من المنافقين على أن لا يكلّموا النبي صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين و لا يجالسونهم، فنزلت فيه و في شخص آخر الآية 94 من التوبة: «يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَ سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ...».
و شملته كذلك الآية 101 من سورة التوبة: «وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ ...».[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 243
[1]أعلام القرآن، ص 243