ثعلبة بن حاطب بن عمرو الأنصاري
هو ثعلبة، و قيل: نفيلة بن حاطب، و قيل: خاطب، و قيل: أبي خاطب بن عمرو بن عوف، و قيل: عبيد بن أميّة بن زيد بن مالك الأنصاري، الأوسي، و أمّه أمامة بنت صامت بن خالد. صحابيّ، شهد مع النبي صلّى اللّه عليه و آله واقعتي بدر و أحد، و يجعله بعضهم في زمرة المنافقين. آخى النبي صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين معتب بن عوف الخزاعي. قتل يوم أحد، و قيل: توفّي في عهد عثمان بن عفان.
القرآن الكريم و ثعلبة بن حاطب :
كان في أوّل أمره فقيرا محتاجا، فجاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه! ادع اللّه أن يرزقني مالا، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا ثعلبة! قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه، فقال ثعلبة: و الذي بعثك بالحق لئن رزقني اللّه مالا لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه، و إن تفضّل عليّ و أنعم لأكون من الصالحين و أتصدق في سبيل اللّه، فدعا له النبي صلّى اللّه عليه و آله بكثرة المال، فاستجاب اللّه دعاء نبيّه. فاتّخذ ثعلبة غنيمات فنمت كما ينمي الدود حتى ضاقت بها المدينة، فنزل واديا و انقطع عن صلاة الجماعة و الجمعة، فتفقّده النبي صلّى اللّه عليه و آله و سأل عنه، فقيل له: يا رسول اللّه! كثر ماله، فقال صلّى اللّه عليه و آله: يا ويح ثعلبة! و لمّا عيّن النبي صلّى اللّه عليه و آله رجلين لجباية الصدقات، مرّا بثعلبة و أقرءاه كتاب النبي صلّى اللّه عليه و آله الذي فيه الفرائض، و طلبا منه الصدقة، فقال لهما: ما هذه إلّا جزية، ما هذه إلّا أخت الجزية، فارجعا حتى أفكّر و أرى رأيي.
فلمّا رجعا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و قبل أن يخبراه بخبره بادرهما قائلا مرّتين: يا ويح ثعلبة! فنزلت فيه الآية 75 من سورة التوبة: «وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ».
و الآية 76 من نفس السورة: «فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ»
و الآية 77 من السورة نفسها: «فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ»
و الآية 78 من نفس السورة: «أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»
و لما نزلت تلك الآيات على النبي صلّى اللّه عليه و آله تلاها على الذين كانوا في مجلسه، و بيّن أنّها نزلت في حق ثعلبة، و كان في مجلس النبي صلّى اللّه عليه و آله رجل من أقارب ثعلبة، فلما سمع تلك الآيات و أسباب نزولها من النبي صلّى اللّه عليه و آله جاء إلى ثعلبة و قال له: ويحك يا ثعلبة! قد أنزل اللّه فيك كذا و كذا، فانطلق ثعلبة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه قد منعني أن أقبل صدقتك، فجعل ثعلبة يحثو التراب على رأسه، و رجع إلى بيته، و لم يقبل النبي صلّى اللّه عليه و آله منه شيئا حتى قبض.
و يقال كان من جملة الذين بنوا مسجد الضرار، فشملته الآية 107 من سورة التوبة: «وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ...».[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص220
[1]أعلام القرآن، ص220