الأنفال
النَّفَل قيل: هو الغَنِيمَة بعينها لكن اختلفتِ العبارةُ عنه لاختلاف الاعتبار، فإنه إذا اعتبر بكونه مظفورا به يقال له: غَنِيمَة، و إذا اعْتُبِر بكونه مِنْحَةً من اللّه ابتداءً من غير وجوبٍ يقال له: نَفَل ، و منهم من فَرَقَ بينهما من حيثُ العمومُ و الخصوصُ، فقال: الغَنِيمَةُ ما حَصَلَ مسْتَغْنَماً بِتَعَبٍ كان أو غَيْرِ تَعَب و باستحقاقٍ كان أو غيرِ استحقاقٍ، و قبل الظَّفَرِ كان أو بَعْدَهُ. و النَّفَل: ما يَحْصُلُ للإنسانِ قبْلَ القِسْمَةِ من جُمْلَةِ الغَنِيمَةِ، و قيل: هو ما يَحْصُلُ للمسلمين بغير قتالٍ، و هو الفَيْ ء و قيل هو ما يُفْصَلُ من المتاع و نحوه بَعْدَ ما تُقسم الغنائم و أصل ذلك من النَّفْل أي: الزيادةِ على الواجب .[1]
تطلق الأنفال على ما يسمى فيئا أيضا و هي الأشياء من الأموال التي لا مالك لها من الناس كرءوس الجبال، و بطون الأودية، و الديار الخربة، و القرى التي باد أهلها و تركة من لا وارث له، و غير ذلك كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم يملكها أحد و هي لله و لرسوله، و تطلق على غنائم الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها فإن المقصود بالحرب و الغزوة الظفر على الأعداء و استئصالهم فإذا غلبوا و ظفر بهم فقد حصل المقصود، و الأموال التي غنمه المقاتلون و القوم الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض.[2]
قال تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ »[3] . اختلف المفسرون في معنى الآية فقيل إن المراد بالأنفال غنائم الحرب، و قيل: غنائم غزوة بدر خاصة بجعل اللام في الأنفال للعهد، و قيل: الفي ء الذي لله و الرسول و الإمام. و الذي ينبغي أن يقال ... ان الأنفال بحسب المفهوم و إن كان يعم الغنيمة و الفي ء جميعا إلا أن مورد الآية هي الأنفال بمعنى غنائم الحرب لا غنائم غزوة بدر خاصة إذ لا وجه للتخصيص فإنهم إذ تخاصموا في غنائم بدر لم يتخاصموا فيها لأنها غنائم بدر خاصة بل لأنها غنائم مأخوذة من أعداء الدين في جهاد ديني، و هو ظاهر. و اختصاص الآية بحسب موردها بغنيمة الحرب لا يوجب تخصيص الحكم الوارد فيها بالمورد، فإن المورد لا يخصص، فإطلاق حكم الآية بالنسبة إلى كل ما يسمى بالنفل في محله، و هي تدل على أن الأنفال جميعا لله و لرسوله لا يشارك الله و رسوله فيها أحد من المؤمنين سواء في ذلك الغنيمة و الفي ء.[4]
المنابع:
مفردات ألفاظ القرآن، ص 820
الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 6
[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 820
[2]الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 6
[3]الأنفال: 1
[4]الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 8