شعيب عليه السّلام
هو شعيب بن ميكيل بن يشجب، و قيل: هو شعيب بن نويت بن رعويل بن مرّة بن عنقاء بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام، و قيل: هو شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم الخليل عليه السّلام، و قيل: هو شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب، و قيل: صيفور، و قيل: صيفون بن عيفا بن ثابت، و قيل: نابت بن مدين بن إبراهيم عليه السّلام، و هناك أقوال أخر في سلسلة نسبه، و أمّه أوجدته بنت نبيّ اللّه لوط عليه السّلام، و اسمه بالسريانية: أوثيرن، و قيل: يترون.
أحد أنبياء اللّه الذين بعثوا بعد يوسف بن يعقوب عليهما السّلام، و قبل موسى بن عمران عليه السّلام، و عاصر إبراهيم الخليل عليه السّلام، و هاجر معه إلى بلاد الشام.
كان من العرب العاربة من قبيلة عنزة، عربيّ اللسان، فصيح، بليغ، عرف بخطيب الأنبياء.
كان كثير البكاء في حبّ اللّه و اشتياقه إليه، و يقال: لكثرة بكائه فقد بصره. بعثه اللّه إلى قومه مدين؛ نسبة إلى مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل عليه السّلام، كانوا ينزلون بمدينة مدين نسبة إليهم، و تقع شرق خليج العقبة بالقرب من بحيرة لوط بنواحي البلقاء ببادية الشام، و تدعى اليوم معانا.
كان أهل مدين قوما مشركين يعبدون الأصنام من دون اللّه، و كانوا أغنياء مرفّهين في معيشتهم، و مع ذلك كانوا يطفّفون المكيال و الميزان في تجارتهم و معاملاتهم، و كانوا أشرارا قطّاعا للطرق.
لمّا بعث شعيب عليه السّلام إليهم أخذ ينصحهم و يرشدهم و يأمرهم بعبادة اللّه الواحد، و يحثّهم على إقامة العدل و الإحسان، و ينهاهم عن قبائح أعمالهم، و يقدّم لهم الحجج و البراهين لدحض معتقداتهم و آرائهم السخيفة.
كانوا يقابلونه بالعصيان و الإنكار و التمرد، و يمنعون الناس من اتّباع دينه و الإيمان بشريعته، و أخذوا يحتقرونه و يعيبون دينه، و يهدّدونه بالانتقام و الأذى إن لم يكفّ عن شريعته. و لم يزل مع قومه على طرفي نقيض حتى اتّفقوا فيما بينهم على إخراجه و شيعته من مدينة مدين، فلمّا رأى جفاءهم و تعنّتهم دعا عليهم، فأنزل اللّه سبحانه و تعالى عذابه و سخطه عليهم، فأخذتهم الزلازل، فأبيدوا بأجمعهم إلّا شعيبا عليه السّلام و من آمن به و والاه. و بعد هلاك أهل مدين أرسله اللّه إلى أصحاب الأيكة، و الأيكة: غيضة قرب مدين، و هي مدينة تبوك اليوم.
كان أهل الأيكة على طريق أهل مدين في عباداتهم و تصرّفاتهم، فأخذ شعيب عليه السّلام بنصحهم و هدايتهم إلى عبادة اللّه، و طلب منهم نبذ ما هم عليه من الشرك و الكفر و العادات السيّئة، فكذّبوه و استهزءوا به و سخروا منه، و اتّهموه بالسحر، و هدّدوه بالرجم و القتل، فلما أصرّوا على كفرهم و شركهم سلّط اللّه عليهم جوا حارا لمدة سبعة أيام أو تسعة أيّام حتّى غلت مياههم، ثم أمطر اللّه عليهم نارا فأحرقتهم بأكملهم. كان أوّل من استعمل المكيال و الميزان.
يقال: إنّه سكن مكّة المكرّمة مدّة من الزمن، ثم رجع إلى مدين، و بها لقيه موسى بن عمران عليه السّلام بعد فراره من فرعون مصر، فتزوّج من ابنته صفوراء.
توفّي بمكّة و دفن بها غرب الكعبة، و يقال: قبره بحضرموت، و يقال: دفن في فلسطين بقرية حطين، و يقال: قبره بمدينة تستر في بلاد فارس.
اختلف العلماء و المحقّقون في عمره، فمنهم من قال: إنّه عاش 242 سنة، و قيل: 254 سنة، و قيل: 400 سنة، و اللّه أعلم.
القرآن المجيد و نبيّ اللّه شعيب عليه السّلام :
أمّا الآيات التي نزلت فيه فهي:
وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ....* قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا ....* وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ. (الأعراف: 85 و 88 و 90 و 92)
وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ .... * قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا ....* قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ ....* وَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ أَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ. (هود: 84 و 87 و 91 و 94)
إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ. (الشعراء:177)
قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ ....(القصص:25)
وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ (العنكبوت 36).[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 488
[1]أعلام القرآن، ص 488