صالح عليه السّلام
هو صالح بن عبيد بن اسف بن ماشخ، و قيل: ماسح، و قيل: ماشج، و قيل: كماشج بن عبيد بن حاذر، و قيل: حادر، و قيل: جابر بن ثمود بن عابر، و قيل: عائر ابن إرم بن سام ابن نبيّ اللّه نوح عليه السّلام.و قيل: اسمه صالح بن عبيد بن جابر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام ابن نبيّ اللّه نوح عليه السّلام.
نبيّ من الأنبياء، أرسله اللّه إلى قومه أو قبيلته ثمود، و كانوا يسكنون بالحجر بين الحجاز و الشام إلى وادي القرى، و كانوا يعرفون بأصحاب الحجر، و كانوا من العرب العاربة يتكلمون العربية، و يعمّرون طويلا.
كانوا من بقايا قوم عاد، أو تحت نفوذهم، و كانوا كفّارا يعبدون الأصنام من دون اللّه، بلغت أصنامهم أكثر من سبعين صنما.
فبعث اللّه إليهم صالحا عليه السّلام لإصلاحهم و هدايتهم إلى اللّه، و كان يعرف بينهم بالأصالة و النجابة، و يعترفون له بالعلم و رجاحة العقل و سلامة الفكر، و كان من أفضلهم نسبا، و يمتهن التجارة.
بعثه اللّه إلى قومه و هو في السادسة عشرة من عمره، فأخذ يبيّن لهم بالأدلة و البراهين وحدانية الباري سبحانه و تعالى و سخافة عباداتهم و معتقداتهم، و يحذّرهم من غضب اللّه عليهم إن هم أصرّوا على كفرهم و شركهم و ظلمهم لأبناء جلدتهم.
و بعد أن قضى بين ظهرانيّهم 120 سنة لم يلق منهم إلّا الكفر و العناد و السخرية و اتّهامه بالسحر، و لم يؤمن به إلّا الضعفاء منهم. و بعد أن ألحّ على قومه باتّباع شريعته و الإيمان باللّه وحده طلبوا منه على لسان رئيسهم- جندع بن عمرو بن محلاة بن لبيد- أن يطلب من اللّه أن يشقّ جبلا كان بالقرب منهم، و يخرج لهم منه ناقة حمراء كثيرة الوبر حاملا قضى على حملها عشرة أشهر، ترضع فصيلها أمامهم، فإن أنجز ذلك يكن مصداقا لنبوته؛ فيؤمنوا به. فطلب صالح عليه السّلام من اللّه أن ينفّذ ما أرادوا، فلبّى الجليل عز اسمه طلبهم، فأتاهم بالناقة بالمواصفات التي طلبوها و بصحبتها فصيلها.
ثم أوحى اللّه إلى صالح عليه السّلام أن يحذّرهم من الإساءة إلى الناقة و فصيلها، و من التّعدي على أكلها و شربها المقسّم بينهم و بينها.
لمّا رأى قومه معجزته رموه بالسحر و الدجل و الكذب، و لم يؤمن به إلّا القليل منهم، بينهم رئيسهم جندع بن عمرو.
لما رأى رؤساؤهم و أكابرهم معجزة صالح عليه السّلام، ثقل عليهم الإذعان له و إطاعة أوامره و نواهيه؛ لعنجهيّتهم و غرورهم، فقرّروا عقر الناقة، فتقدّم رجل منهم يدعى مصدعا، و قيل: مصرع بن مهرج بن المحيا، فرمى الناقة بسهم فعقرها، ثم جاء رجل آخر يدعى قدار بن سالف بن جندع فنحرها، و تتبّع جماعة فصيلها و قتلوه.
لمّا علم صالح عليه السّلام بمقتل الناقة و فصيلها أنذرهم بنزول العذاب من اللّه عليهم، فقابلوه بالسخرية و الاستهزاء، و قرّروا قتله.
و بعد إصرارهم على كفرهم و طغيانهم و تحدّيهم لأوامر السماء و تآمرهم على نبيّهم أنزل اللّه عليهم صاعقة من السماء مصحوبة بصيحة عظيمة و زلزال و رعد و برق، فقضت عليهم و على أكثر مساكنهم و ممتلكاتهم، و لم يسلم منهم إلّا صالح عليه السّلام و من آمن به؛ و لم يتجاوزوا مائة و عشرين شخصا، و قيل: أربعة آلاف شخص.
و بعد تلك المجزرة الرهيبة و هلاك قوم ثمود قرّر صالح عليه السّلام و شيعته الرحيل إلى الرملة بفلسطين، و يقال: رحلوا إلى مكّة و سكنوها، و يقال: ذهبوا إلى حضرموت و استوطنوها.
و بعد أن عاش 150 سنة، و قيل: 208 سنوات، و قيل: 250 سنة، و قيل: 258 سنة، توفّي و دفن في وادي السّلام بالنجف الأشرف، و بعد عشرات القرون دفن إلى جواره الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
و يقال: قبره في حضرموت، و يقال: دفن و شيعته في مكّة المكرّمة غرب الكعبة في المسجد الحرام، و يقال: قبره بعكّا في فلسطين، و اللّه أعلم بحقائق الأمور.
القرآن العظيم و نبي اللّه صالح عليه السّلام :
تحدّث عنه القرآن المجيد ضمن آياته على النحو التالي:
وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ... * أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ ... * فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قالُوا يا صالِحُ ... (الأعراف 73 و 75 و77)
وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ... * قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا ...* فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ... * مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ ... (هود:61 و 62 و 66 و 89)
إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَ لا تَتَّقُونَ (الشعراء 142)
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ... (النمل 45).[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 501
[1]أعلام القرآن، ص 501