حمزة بن عبد المطلب
هو أبو عمارة، و قيل: أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، الهاشمي، المكّي، و أمّه هالة بنت وهيب بن عبد مناف، المشهور بسيّد الشهداء، و أسد اللّه، و أسد رسوله.
أحد أعمام النبي صلّى اللّه عليه و آله و صحابته الأجلّاء، و أخوه من الرضاعة.
كان من سادات قريش و زعمائها في الجاهلية و الإسلام، عزيزا في قومه، بطلا شجاعا شديد الشكيمة.
ولد بمكّة و نشأ فيها، و كان محبوبا عند النبي صلّى اللّه عليه و آله.
أسلم بعد البعثة النبوية بسنتين، و آخى النبي صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين زيد بن حارثة.
هاجر إلى المدينة المنوّرة، و اشترك في واقعة بدر فأبلى فيها بلاء حسنا، و كان يقاتل بسيفين بين يدى النبي صلّى اللّه عليه و آله، فاستطاع أن يقتل عددا غفيرا من رؤساء و أبطال المشركين في تلك الواقعة.
و شهد كذلك واقعة أحد، فقتل و جرح فيها عددا كبيرا من أعيان و شجعان المشركين، و لم يزل يجندل رموزهم و أبطالهم حتى قتله وحشي الحبشي، و ذلك في النصف من شوال من السنة الثالثة للهجرة، و بعد استشهاده مثّل المشركون بجثّته، و بقرت هند بنت عتبة- أمّ معاوية بن أبي سفيان- بطنه و أخرجت كبده و لاكته.
و بعد مقتله وقف عليه النبي صلّى اللّه عليه و آله و أخذ يبكي بكاء شديدا لشدّة حزنه و وجده عليه، ثم قال صلّى اللّه عليه و آله: رحمك اللّه يا عم! فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات، ثم صلّى النبي صلّى اللّه عليه و آله على جنازته و كبّر عليها سبعين تكبيرة، فكان أوّل شهيد صلّى عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثم أمر بدفنه و عبد اللّه بن جحش في قبر واحد عند أحد، و قيل: دفن في المدينة المنوّرة.
استشهد و له من العمر 59 سنة، و قيل: غير ذلك.
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أفضل الشهداء حمزة.
و يروى أنه قبل أن يسلم علم بأنّ أبا جهل آذى النبي صلّى اللّه عليه و آله، فجاء إليه و ضربه على رأسه حتى أوجعه، ثم جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و أسلم.
القرآن الكريم و حمزة بن عبد المطلب :
نزلت فيه و شملته جملة من الآيات القرآنية، منها:
الآية 25 من سورة البقرة: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ....
و الآية 169 من سورة آل عمران: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.
و الآية 200 من نفس السورة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
في أحد الأيام شرب الخمر حتى سكر، فمرّ على ناقة فسأل عن صاحبها، فقيل له: إنّها للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فأمر بنحرها، فلما رأى الإمام عليه السّلام ناقته منحورة سأل عن ناحرها، فقيل له: هو حمزة، فشكاه إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله، فنزلت في حمزة الآية 90 من سورة المائدة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
و مرة كان راجعا من قنصه و بيده قوس، و هو يومئذ لم يسلم، فأخبروه بأن أبا جهل رمى النبي صلّى اللّه عليه و آله بفرث، فأقبل غضبانا حتى علا أبا جهل بالقوس، و هو يتضرّع إليه و يقول: يا أبا يعلى! أ ما ترى ما جاء به، سفّه عقولنا، و سبّ آلهتنا، و خالف آباءنا، فقال حمزة: و من أسفه منكم! تعبدون الحجارة من دون اللّه، فإنّي أشهد أن لا إله إلّا اللّه لا شريك له و أنّ محمدا عبده و رسوله، فنزلت في حمزة الآية 122 من سورة الأنعام: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ....
جرت مفاخرة بين العباس بن عبد المطلب و شيبة بن ربيعة بالسقاية و الحجابة، و بين الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و حمزة و جعفر بن أبي طالب بالإيمان و الجهاد في سبيل اللّه، فنزلت فيهم الآية 19 من سورة التوبة: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ....
و نزلت فيه و في أبي جهل الآية 19 من سورة الرعد مادحة له و ذامّة لأبي جهل: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ
و سبب نزولها هو أن أبا جهل انتهز فرصة غياب حمزة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله فقصد النبي صلّى اللّه عليه و آله و أخذ يوجعه ضربا حتى جرحه، فلما رجع من غيبته أخبروه بما جرى للنبي صلّى اللّه عليه و آله من أبي جهل، فهرع إلى أبي جهل و أخذ يضربه ضربا مبرحا حتى جرحه و أسال دمه، و بعد تلك الحادثة طلب النبي صلّى اللّه عليه و آله من حمزة بأن يسلم، فأسلم و قال الشهادتين، ففرح المسلمون بإسلامه.
و شملته الآية 9 من سورة الإسراء: وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ ....
و الآية 14 من سورة الحجّ: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ....
في واقعة بدر تبارز الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و المترجم له و عبيدة من جانب المسلمين، و عتبة و شيبة و الوليد من المشركين، فقال المسلمون: نحن على الحق و الصواب، و قال المشركون: نحن على الحق، فنزلت فيهم الآية 19 من سورة الحجّ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ....
و شملته الآية 40 من سورة الحجّ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ....
و الآية 61 من سورة القصص: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ ....
و الآية 23 من سورة الأحزاب: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ....
و الآية 28 من سورة ص: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ.
و الآية 22 من سورة الزمر: أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ....
و الآية 21 من سورة الجاثية: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا ....
و في يوم بدر لمّا قتل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و حمزة بعض صناديد المشركين كعتبة و شيبة ابني ربيعة، و الوليد بن عتبة و غيرهم نزلت فيهما الآية 22 من سورة المجادلة:
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ....
و شملته الآية 4 من سورة الصفّ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ.
و نزلت فيه الآيات التالية من سورة الفجر:
الآية 27 يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ.
و الآية 28 ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.
و الآية 29 فَادْخُلِي فِي عِبادِي.
و الآية 30 وَ ادْخُلِي جَنَّتِي.[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص319 و 320
[1]أعلام القرآن، ص319 و 320