غزوة مؤتة
غزوة مؤتة أو سرية مؤتة، جرت الغزوة في جمادی الأولی من العام الثامن للهجرة بسبب قتل الصحابي الحارث بن عمير الأزدي رسول النبي صلی الله علیه و آله إلى ملك بصرى على يد شرحبيل بن عمرو الغساني والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية؛ إذ أوثقه رباطا و قدمه فضرب عنقه.
قال الواقدي: حدّثنى ربيعة بن عثمان، عن عمر بن الحكم، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الحارث بن عمير الأزدىّ ثم أحد بنى لهب، إلى ملك بصرى بكتاب، فلمّا نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغسّانى فقال: أين تريد؟ قال: الشام. قال: لعلّك من رسل محمّد؟ قال: نعم، أنا رسول رسول الله. فأمر به فأوثق رباطا، ثم قدّمه فضرب عنقه صبرا. و لم يقتل لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم رسول غيره، فبلغ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الخبر فاشتدّ عليه، و ندب النّاس و أخبرهم بمقتل الحارث و من قتله، فأسرع الناس و خرجوا فعسكروا بالجرف، و لم يبيّن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الأمر، فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الظهر جلس و جلس أصحابه، و جاء النّعمان بن فنحص اليهودىّ، فوقف على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مع الناس، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم: زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبى طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم.[1]
قال ابن إسحاق: ثم مضي الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم و العرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو و انحاز المسلمون الى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبى لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بنى عذرة يقال له قطبة بن قتادة و على ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عباية بن مالك. و قال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان عن المقبري عن أبى هريرة قال: شهدت مؤتة فلما دنا منا المشركون رأينا مالا قبل لأحد به من العدة و السلاح و الكراع و الديباج و الحرير و الذهب، فبرق بصرى، فقال لي ثابت بن أرقم: يا أبا هريرة كأنك ترى جموعا كثيرة؟ قلت نعم! قال إنك لم تشهد بدرا معنا، إنا لم ننصر بالكثرة رواه البيهقي. قال ابن إسحاق ثم التقى الناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر فقاتل القوم حتى قتل، فكان جعفر أول المسلمين عقر في الإسلام.... قال ابن هشام: و حدثني من أثق به من أهل العلم أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل و هو ابن ثلاث و ثلاثين سنة فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء، و يقال: إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه بنصفين. قال ابن إسحاق و حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبى الّذي ارضعنى و كان أحد بنى مرة بن عوف قال: فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية... ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نهسة. ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال و أنت في الدنيا ثم؟ ألقاه من يده ثم أخذ سيفه ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضى الله عنه. قال ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بنى العجلان. فقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم، قالوا أنت قال ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم و خاشى بهم ثم انحازوا نحيز عنه حتى انصرف بالناس...[2]
المنابع:
المغازي،ج 2،ص756
البدايةوالنهاية،ج 4،ص244 و 245
[1]المغازي،ج 2،ص756
[2]البدايةوالنهاية،ج 4،ص244 و 245