غزوة بنی المصطلق(المُرَيْسِيع‏)
المجموعات : الغزوات

غزوة بني المصطلق(المریسیع)

غزوة بني المصطلق أو غزوة المریسیع؛

أختلف في وقتها: قیل وقعت في سنة أربع و قیل في سنة خمس و قیل في سنة ستّ!!!.[1]

[قصة غزوة بني المصطلق علی ما جاء في السیرة النبوية لإبن هشام]:

قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة و رجبا، ثم غزا بنى المصطلق من خزاعة، في شعبان سنة ستّ.

قال ابن هشام: و استعمل على المدينة أبا ذرّ الغفاريّ، و يقال: نميلة بن عبد الله الليثي.

(سبب غزو الرسول لهم):

قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة و عبد الله بن أبى بكر، و محمد بن يحيى بن حبّان، كلّ قد حدثني بعض حديث بنى المصطلق، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم أنّ بنى المصطلق يجمعون له، و قائدهم الحارث بن أبى ضرار أبو جويرية بنت الحارث، زوج رسول الله صلى الله عليه و سلّم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بهم خرج إليهم، حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس و اقتتلوا، فهزم الله بنى المصطلق، و قتل من قتل منهم، و نفّل رسول الله صلى الله عليه و سلم أبناءهم و نساءهم و أموالهم، فأفاءهم عليه.

(موت ابن صبابة):

و قد أصيب رجل من المسلمين من بنى كلب بن عوف بن عامر بن ليث ابن بكر، يقال له: هشام بن صبابة، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة ابن الصامت، و هو يرى أنه من العدوّ، فقتله خطأ.

(جهجاه و سنان و ما كان من ابن أبى):

فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم على ذلك الماء، وردت واردة الناس، و مع عمر بن الخطّاب أجير له من بنى غفار، يقال له: جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه و سنان بن وبر الجهنيّ، حليف بنى عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهنيّ: يا معشر الأنصار، و صرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبد الله بن أبىّ بن سلول، و عنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حدث، فقال: أ و قد فعلوها، قد نافرونا و كاثرونا في بلادنا، و الله ما أعدّنا و جلابيب قريش إلا كما قال الأوّل: سمّن كلبك يأكلك، أما و الله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، و قاسمتموهم أموالكم، أما و الله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير داركم. فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من عدوّه، فأخبره الخبر، و عنده عمر بن الخطّاب، فقال: مر به عبّاد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمدا يقتل أصحابه! لا و لكن أذّن بالرّحيل، و ذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يرتحل فيها، فارتحل الناس.

(اعتذار ابن أبى للرسول):

و قد مشى عبد الله بن أبىّ بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلّغه ما سمع منه، فحلف باللَّه: ما قلت ما قال، و لا تكلمت به.- و كان في قومه شريفا عظيما-، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه و سلم من الأنصار من أصحابه: يا رسول الله، عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه، و لم يحفظ ما قال الرجل، حدبا على ابن أبىّ بن سلول، و دفعا عنه.

(الرسول و أسيد و مقالة ابن أبى):

قال ابن إسحاق: فلما استقلّ رسول الله صلى الله عليه و سلم و سار، لقيه أسيد بن حضير، فحيّاه بتحيّة النبوّة و سلّم عليه، ثم قال: يا نبيّ الله، و الله لقد رحت في ساعة منكرة، ما كنت تروح في مثلها، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال: و أيّ صاحب يا رسول الله قال: عبد الله بن أبىّ، قال: و ما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ، قال: فأنت يا رسول الله و الله تخرجه منها إن شئت. هو و الله الذليل و أنت العزيز، ثم قال: يا رسول الله، ارفق به، فو الله لقد جاءنا الله بك، و إنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا.

(سير الرسول بالناس ليشغلهم عن الفتنة):

ثم مشى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، و ليلتهم حتى أصبح، و صدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض فوقعوا نياما، و إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ليشغل النّاس عن الحديث الّذي كان بالأمس. من حديث عبد الله ابن أبىّ.

(تنبؤ الرسول بموت رفاعة):

ثم راح رسول الله صلى الله عليه و سلم بالنّاس، و سلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النّقيع، يقال له: بقعاء. فلما راح رسول الله صلى الله عليه و سلم هبّت على الناس ريح شديدة آذتهم و تخوّفوها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا تخافوها، فإنما هبّت لموت عظيم من عظماء الكفّار. فلمّا قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التّابوت، أحد بنى قينقاع، و كان عظيما من عظماء يهود، و كهفا للمنافقين، مات في ذلك اليوم.

(ما نزل في ابن أبى من القرآن):

و نزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبىّ و من كان على مثل أمره، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بأذن زيد بن أرقم، ثم قال: هذا الّذي أوفى الله بأذنه. و بلغ عبد الله بن عبد الله بن أبىّ الّذي كان من أمر أبيه.

(طلب ابن عبد الله بن أبى أن يتولى هو قتل أبيه و عفو الرسول):

قال ابن إسحاق: فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن عبد الله أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبىّ فيما بلغك عنه، فان كنت لا بدّ فاعلا فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده منى، و إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي انظر إلى قاتل عبد الله بن أبىّ يمشى في الناس، فأقتله فأقتل رجلا مؤمنا بكافر، فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: بل نترفّق به، و نحسن صحبته ما بقي معنا.

(تولى قوم ابن أبى مجازاته):

و جعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه و يأخذونه و يعنفونه، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعمر بن الخطّاب، حين بلغه ذلك من شأنهم: كيف ترى يا عمر، أما و الله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له آنف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته، قال: قال عمر: قد و الله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أعظم بركة من أمرى....

(شعار المسلمين):

قال ابن هشام: و كان شعار المسلمين يوم بنى المصطلق: يا منصور، أمت أمت.

(قتلى بنى المصطلق):

قال ابن إسحاق: و أصيب من بنى المصطلق يومئذ ناس، و قتل عليّ بن أبى طالب منهم رجلين، مالكا و ابنه، و قتل عبد الرحمن بن عوف رجلا من فرسانهم، يقال له: أحمر، أو أحيمر.

(أمر جويرية بنت الحارث):

و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا، فشا قسمه في المسلمين، و كان فيمن أصيب يومئذ من السّبايا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار، زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم.

قال ابن إسحاق: و حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لما قسّم رسول الله صلى الله عليه و سلم سبايا بنى المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث في السّهم لثابت بن قيس بن الشّماس، أو لابن عمّ له، فكاتبته على نفسها، و كانت امرأة حلوة ملّاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فو الله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، و عرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه و سلم ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار، سيد قومه، و قد أصابنى من البلاء، ما لم يخف عليك، فوقعت في السّهم لثابت بن قيس بن الشّماس، أو لابن عمّ له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتى، قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: و ما هو يا رسول الله؟ قال: أقضى عنك كتابتك و أتزوّجك، قالت: نعم يا رسول الله، قال: قد فعلت. قالت: و خرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد تزوّج جويرية ابنة الحارث بن أبى ضرار، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بنى المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.

قال ابن هشام: و يقال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوة بنى المصطلق و معه جويرية بنت الحارث، و كان بذات الجيش، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة، و أمره بالاحتفاظ بها، و قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة، فأقبل أبوها الحارث بن أبى ضرار بفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيّبهما في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى إلى النبيّ صلى الله عليه و سلم و قال: يا محمد، أصبتم ابنتي، و هذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق، في شعب كذا و كذا؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله، و أنك محمد رسول الله فو الله ما اطلع على ذلك إلا الله، فأسلم الحارث، و أسلم معه ابنان له، و ناس من قومه، و أرسل إلى البعيرين، فجاء بهما، فدفع الإبل إلى النبيّ صلى الله عليه و سلم، و دفعت إليه ابنته جويرية، فأسلمت، و حسن إسلامها، فخطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أبيها، فزوّجه إياها، و أصدقها أربع مائة درهم...[2]

المنابع:

السيرةالنبوية،ج 2،ص290- 296

دلائل النبوة،ج 4،ص:45 و 46

البدايةوالنهاية،ج 4،ص156

 

[1]دلائل النبوة،ج 4،ص45 و 46، البدايةوالنهاية،ج 4،ص156

[2]السيرةالنبوية،ج 2،ص290- 296