عتبان بن مالک
عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف و أمه من مزينة. و كان لعتبان من الولد عبد الرحمن و أمه ليلى بنت رئاب بن حنيف بن رئاب بن أمية بن زيد بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: آخى رسول الله بين عتبان بن مالك و عمر بن الخطاب. و كذلك قال محمد بن إسحاق. و شهد عتبان بن مالك بدرا و أحدا و الخندق و ذهب بصره على عهد النبي فسأل النبي أن يأتيه فيصلي في مكان من بيته فيتخذه مصلى ففعل ذلك رسول الله.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود إن شاء الله: أن عتبان بن مالك الأنصاري كان محجوب البصر و أنه ذكر للنبي التخلف عن الصلاة فقال: هل تسمع النداء؟ فقال: نعم. فلم يرخص له.
أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا معمر و مالك عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال: قلت يا رسول الله إنها تكون الليلة المظلمة و المطر و الريح. فلو أتيت منزلي فصليت فيه. قال فجاءني رسول الله فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشرت له إلى ناحية من البيت فصلى و صلينا خلفه ركعتين. قال محمد بن عمر: فذلك البيت يصلي فيه الناس بالمدينة إلى اليوم. قال و مات عتبان بن مالك في وسط من خلافة معاوية بن أبي سفيان و ليس له عقب. و قد انقرض أيضا ولد عمرو بن العجلان بن زيد و درجوا فلم يبق منهم أحد.[1]
قال البغوي: فلما نزلت هذه الآية «يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما» (البقرة:219) قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إن الله تقدم في تحريم الخمر»، فتركها قوم لقوله: إثم كبير، و شربها أقوام لقوله: و منافع للناس ، إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و أتاهم بخمر فشربوا و سكروا و حضرت صلاة المغرب، فقدموا بعضهم ليصلي بهم فقرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون هكذا إلى آخر السورة بحذف لا، فأنزل الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون » (النساء:43)، فحرم السكر في أوقات الصلاة، فلما نزلت هذه الآية تركها قوم و قالوا: لا خير في شي ء يحول بيننا و بين الصلاة، و تركها قوم في أوقات الصلاة و شربوها في غير حين الصلاة حتى كان الرجل يشرب بعد صلاة العشاء فيصبح و قد زال عنه السكر، و يشرب بعد صلاة الصبح فيصحو إذا جاء وقت الظهر، و اتخذ عتبان بن مالك صنيعا و دعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص، و كان قد شوى لهم رأس بعير فأكلوا منه و شربوا الخمر حتى أخذت منهم، ثم إنهم افتخروا عند ذلك و انتسبوا و تناشدوا الأشعار، فأنشد سعد قصيدة فيها هجاء للأنصار، و فخر لقومه فأخذ رجل من الأنصار لحى بعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فانطلق به سعد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و شكا إليه الأنصاري، فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فأنزل الله تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة إلى قوله: «فهل أنتم منتهون » (المائدة:91) و ذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام، فقال عمر رضي الله عنه: انتهينا يا رب. قال أنس: حرمت الخمر و لم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها، و ما حرم عليهم شي ء أشد من الخمر.[2]
المنابع:
الطبقات الكبرى،ج 3،ص416
معالم التنزیل، ج 1، ص 277
[1]الطبقات الكبرى،ج 3،ص416
[2]معالم التنزیل، ج 1، ص 277