قابيل
هو قابيل، و قيل: قايين، و قيل: قائين، و قيل: قاين، و قيل: قين بن آدم أبي البشر، و أمّه حوّاء.
كان أكبر أولاد أبيه، و كان ملعونا سيئ السيرة، كثير الحسد لأخيه هابيل، و كان حدّادا و صاحب زرع.
كانت حوّاء تلد في كلّ مرّة ذكرا و أنثى، و يقال: إنّ آدم عليه السّلام كان مأمورا من السماء بأن يزوّج ذكر كلّ بطن بأنثى الآخر، و هذا فيه تأمّل و نقاش، فتقدّم هابيل للزواج من أخت قابيل، فأبى قابيل و أرادها لنفسه، فتنازعا عليها، فأمرهما أبوهما بأن يقدّما قربانا لله جلّ و علا، فقدّم هابيل كبشا سمينا، و كان صاحب غنم، و قرّب قابيل الذي كان لا يعتقد بالثواب و العقاب حزمة من ردي ء زرعه، فأنزل اللّه نارا فأحرقت قربان قابيل، و لم تتعرّض لما قدّمه هابيل.
بعد أن احترق قربان قابيل غضب و صمّم على قتل أخيه، فقام بخنقه و عضّه حتّى هلك، و قيل: ضربه بحديدة فقتله، و يقال: ضربه بصخرة على رأسه و هو نائم فقتله، و بعد أن قتله حفر له حفيرة و دفنه فيها، و لمّا علم آدم عليه السّلام بمقتل هابيل حزن حزنا شديدا، و بكى عليه بكاء طويلا. فكان قابيل بعمله ذاك أوّل من سنّ القتل على سطح الأرض، و كان عمره يومئذ 20 سنة، و قيل: 25 سنة.
اختلف العلماء و المحقّقون في المكان الذي تمّت فيه جريمة القتل، فمنهم من قال بالبصرة، و بجبل قاسيون شماليّ دمشق مغارة تدعى مغارة الدم، يقال: إنّها المحلّ الذي قتل فيه هابيل على يد أخيه قابيل، و يقال: كان محلّ القتل عند عقبة حراء. و بعد مقتل أخيه سكن في أرض نود شرقيّ عدن، بعد أن أنزله اللّه من الجبل المقدّس إليها.
كان قابيل و أخته إقليميا أوّل أولاد آدم عليه السّلام من زوجته حوّاء، و يقال: إنّ قابيل لما أدرك أظهر اللّه له جنّيّة في صورة إنسيّة يقال لها: جهانة، فلمّا رآها قابيل أحبّها، فأوحى اللّه إلى آدم عليه السّلام أن يزوّج جهانة من قابيل ففعل.
لمّا أوحى اللّه إلى آدم عليه السّلام بأن يدفع ميراث النبوّة و العلم إلى هابيل فأطاع الأمر و فعل، فلمّا علم قابيل بذلك غضب و أخذه الحسد و عاتب أباه على ذلك، فقال آدم عليه السّلام: إنّ اللّه أمرني بذلك و فضّله عليك، و إن أردت التأكّد من ذلك فقدّما قربانا إلى اللّه، فمن قبل قربانه فهو المفضّل لدى البارئ عزّ و جلّ. فقدّم قابيل قمحا رديئا و كان صاحب زرع، و قرّب هابيل كبشا سمينا و كان صاحب غنم، فنزلت النار و أكلت القمح و لم تتعرّض للكبش، فجاء إبليس إلى قابيل و أغراه و شجّعه على قتل أخيه هابيل، ففعل و تخلّص من أخيه.
ثمّ جاء إبليس إلى قابيل و عرض عليه عبادة النار لعظمتها، و لكي تقبل قرابينه في المستقبل، فقبل بذلك و اتّخذ و لأوّل مرّة في التأريخ بيوت النيران، فكان أوّل إنسان عبد النار من دون اللّه.
و لم يزل قابيل مشركا باللّه حتّى هلك، و بعد موته علّقه اللّه بالشمس تدور به حيث دارت في حميمها و زمهريرها إلى يوم يبعثون، و ذلك جزاء لما اقترفه في حقّ أخيه و لحسده منه و لشركه باللّه و عدم إطاعة أبيه.
(القرآن العظيم و قابيل ):
نزلت فيه أو شملته الآيات التالية:
«و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما و لم يتقبل من الآخر ... * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ... * إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار ....* فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أ عجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين». (المائدة:27 الی 31)
«و قال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن و الإنس نجعلهما تحت أقدامنا ...».(فصلت:29) .[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص: 799 الی 801
[1]أعلام القرآن، ص 799 الی 801