عبد الله بن عبد الله بن أبى الأنصاري
عبد الله بن عبد الله بن أبىّ بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي. و سالم يقال له: «الحبلى» لعظم بطنه و له شرف في الأنصار، و أبوه «عبد الله بن أبى» هو المعروف بابن سلول، و كانت سلول امرأة من خزاعة، و هي أم أبىّ، و ابنه عبد الله بن أبىّ هو رأس المنافقين، و كان ابنه عبد الله ابن عبد الله من فضلاء الصحابة و خيارهم، و كان اسمه الحباب، و به كان أبوه يكنى أبا الحباب، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله.
و شهد بدرا، و أحدا، و المشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم. و كانت الخزرج قد أجمعت على أن يتوجوا أباه عبد الله بن أبىّ و يملّكوه أمرهم قبل الإسلام، فلما جاء النبي صلى الله عليه و سلم رجعوا عن ذلك، فحسد النبيّ صلى الله عليه و سلم، و أخذته العزة، فأضمر النفاق، و هو الّذي قال في غزوة بنى المصطلق: «لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» (المنافقون:8) فقال ابنه عبد الله للنّبيّ صلى الله عليه و سلم: هو و الله الذليل و أنت العزيز يا رسول الله، إن أذنت لي في قتله قتلته، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها أحد أبر بوالده منى، و لكنى أخشى أن تأمر به رجلا مسلما فيقتله، فلا تدعني نفسي انظر إلى قاتل أبى يمشى على الأرض حيا حتى أقتله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: «بل نحسن صحبته و نترفق به ما صحبنا، و لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه و لكن برّ أباك و أحسن صحبته». فلما مات أبوه سأل ابنه عبد الله النبيّ صلى الله عليه و سلم ليصلي عليه.
...عن ابن عمر قال: «جاء عبد الله بن عبد الله بن أبىّ إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حين مات أبوه، فقال: أعطنى قميصك أكفّنه فيه، و صلّ عليه، و استغفر له. فأعطاه قميصه و قال: إذا فرغتم فآذنونى. فلما أراد أن يصلى عليه جذبه عمر و قال: أ ليس قد نهى الله عز و جل أن تصلى على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرتين: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم. فصلى عليه فأنزل الله تعالى: «وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ» (التوبة:84) فترك الصلاة عليهم....
و بقي عبد الله إلى أن قتل يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب شهيدا، في خلافة أبى بكر سنة اثنتي عشرة.
المنبع:
أسدالغابة،ج 3،ص193