الملائکة
المجموعات : الجن والملک

الملائکة

الْمَلَائِكَة [جمع ملَک] و مَلَك أصله: مألك، و قيل: هو مقلوب عن ملأك، و الْمَأْلَكُ و الْمَأْلَكَةُ و الْأَلُوكُ : الرسالة، و الْمَلَائِكَةُ تقع على الواحد و الجمع. قال تعالى: «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا»[1] .[2]

الملائكة وسائط بينه تعالى و بين الأشياء بدءا و عودا على ما يعطيه القرآن الكريم بمعنى أنهم أسباب للحوادث فوق الأسباب المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت و الانتقال إلى نشأة الآخرة و بعده. و من الوساطة كون بعضهم فوق بعض مقاما و أمر العالي منهم السافل بشي ء من التدبير فإنه في الحقيقة توسط من المتبوع بينه تعالى و بين تابعه في إيصال أمر الله تعالى كتوسط ملك الموت في أمر بعض أعوانه بقبض روح من الأرواح. و لا ينافي هذا الذي ذكر من توسطهم بينه تعالى و بين الحوادث أعني كونهم أسبابا تستند إليها الحوادث استناد الحوادث إلى أسبابها القريبة المادية فإن السببية طولية لا عرضية.كما لا ينافي توسطهم و استناد الحوادث إليهم استناد الحوادث إليه تعالى و كونه هو السبب الوحيد لها جميعا على ما يقتضيه توحيد الربوبية.

و لا منافاة أيضا بين التوسط في التدبير و بين ما يظهر من كلامه تعالى أن بعضهم أو جميعهم مداومون على عبادته تعالى و تسبيحه و السجود له لجواز أن تكون عبادتهم و سجودهم و تسبيحهم عين عملهم في التدبير و امتثالهم الأمر الصادر عن ساحة العزة بالتوسط.[3]

تعرض القرآن الكريم كثيرا لذكر الملائكة فقد تحدثت آيات عديدة عن صفات، خصائص، مأموريات، و وظائف الملائكة. حتى أن القرآن الكريم جعل الإيمان بالملائكة مرادفا للإيمان بالله و الأنبياء و الكتب السماوية، مما يدلل على أهمية هذه المسألة الأساسية. «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله »[4] و مما لا شك فيه أن وجود الملائكة من الأمور الغيبية التي لا يمكن إثباتها بتلك الصفات و الخصائص إلا بالأدلة النقلية، و يجب الإيمان بها على أنه إيمان بالغيب.

و بالجملة يطرح القرآن الكريم خصائص الملائكة كما يلي:

الملائكة موجودات عاقلة لها شعور.

مطيعون لأوامر الله و لا يعصونه أبدا.

أن لهم وظائف مهمة و كثيرة التنوع كلفوا بها من قبل الباري عز و جل: مجموعة تحمل العرش ،مجموعة تدبر الأمر، و اخرى لقبض الأرواح ، و آخرون يراقبون أعمال البشر، مجموعة تحفظ الإنسان من المخاطر و الحوادث، و اخرى مأمورة بإحلال العذاب و العقوبة على أقوام معينة، و أخيرا مجموعة لتبليغ رسالات الوحي و إنزال الكتب السماوية للأنبياء. و لو أردنا الاسترسال في ذكر وظائف الملائكة لطال البحث و اتسع.

الملائكة دائمو التسبيح و التقديس لله سبحانه و تعالى.

و بناء على أن الإنسان بحسب استعداده للتكامل يمكنه أن يكون أعلى مقاما و أشرف موضعا من الملائكة فقد سجدت الملائكة بدون استثناء لخلق آدم، و عدوا آدم معلما لهم.

إن الملائكة يظهرون بصورة الإنسان للأنبياء و غير الأنبياء، كما نقرأ في سورة مريم: فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا. كذلك يذكر القرآن الكريم تجليهم بصورة إنسان لإبراهيم و لوط (هود- 69 و 77) فهل أن ذلك الظهور بالشكل الإنساني، له واقع عيني، أم هو بصورة تمثل و تصرف في قوة الإدراك؟ ظاهر الآيات القرآنية يشير إلى المعنى الأول، و إن كان بعض من كبار المفسرين قد اختار المعنى الثاني.

يستفاد من الروايات أن أعداد الملائكة كثيرة بحيث انه لا يمكن مقايسة أعدادهم بالبشر بأي شكل من الأشكال.

الملائكة لا يأكلون و لا يشربون، و لا يتزوجون،لا ينامون و لا يضعفون و لا يغفلون.

إن لهم مقامات، و مراتب متفاوتة.

ثم هل أن الملائكة بتلك الأوصاف التي ذكرناها، موجودات مجردة أم مادية؟ لا شك أن من غير الممكن أن تكون الملائكة بهذه الأوصاف من هذه المادة الكثيفة، و لكن لا مانع من أن تكون أجساما لطيفة الخلق، أجساما فوق هذه المادة المألوفة لنا. إثبات (التجرد المطلق) للملائكة من الزمان و المكان و الجزئية، ليس بالأمر الهين، و الوصول إلى تلك النتيجة ليس وراءه كثير فائدة، المهم هو أن نعرف الملائكة بالصفات التي وردت في القرآن و الروايات الثابتة. و أنها من الموجودات العلوية الراقية عند الله في مقامها و مكانتها، و لا نعتقد لها بغير مقام العبودية لله سبحانه، و أن نعلم بأن الإعتقاد بأنها شريكة مع الله في أمر الله الخلق أو في العبادة كفر محض و شرك بين.[5]

المنابع:

مفردات ألفاظ القرآن، ص 82

الميزان في تفسير القرآن، ج 20، ص 183

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 14، ص 17

 

[1]الحج: 75

[2]مفردات ألفاظ القرآن، ص 82

[3]الميزان في تفسير القرآن، ج 20، ص 183

[4]البقرة: 285.

[5]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 14، ص 17