زيد بن ثابت
زيد بن ثابت بن الضّحّاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النّجار الأنصاري الخزرجي ثم النجاري. أمه النّوار بنت مالك بن معاوية بن عدىّ بن عامر بن غنم بن عدىّ بن النجار، كنيته: أبو سعيد، و قيل: أبو عبد الرحمن، و قيل: أبو خارجة.
و كان عمره لما قدم النبي صلّى الله عليه و سلم المدينة إحدى عشرة سنة، و كان يوم بعاث ابن ستّ سنين، و فيها قتل أبوه، و استصغره رسول الله صلّى الله عليه و سلم يوم بدر، فرده، و شهد أحدا، و قيل: لم يشهدها، و إنما شهد الخندق أول مشاهده، و كان ينقل التراب مع المسلمين، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم. إنه نعم الغلام! و كانت راية بنى مالك بن النجار يوم تبوك مع عمارة بن حزم، فأخذها رسول الله صلّى الله عليه و سلم و دفعها إلى زيد بن ثابت، فقال عمارة: يا رسول الله، بلغك عنى شي ء؟ قال: لا، و لكن القرآن مقدّم، و زيد أكثر أخذا للقرآن منك.
و كان زيد يكتب لرسول الله صلّى الله عليه و سلم الوحي و غيره، و كانت ترد على رسول الله صلّى الله صلّى الله عليه و سلم كتب بالسريانية فأمر زيدا فتعلمها، و كتب بعد النبي صلّى الله عليه و سلم لأبى بكر، و عمر، و كتب لهما معه معيقيب الدّوسى أيضا.
و استخلف عمر زيد بن ثابت على المدينة ثلاث مرات، مرتين في حجتين، و مرة في مسيره إلى الشام. و كان عثمان يستخلفه أيضا إذا حج، و رمى يوم اليمامة بسهم فلم يضره.
و كان أعلم الصحابة بالفرائض فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: أفضلكم زيد، فأخذ الشافعيّ بقوله في الفرائض عملا بهذا الحديث، و كان من أعلم الصحابة و الراسخين في العلم.
و كان من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، و أزمتهم إذا كان في القوم. و كان على بيت المال لعثمان، فدخل عثمان يوما، فسمع مولى لزيد يغنّى فقال عثمان: من هذا؟ فقال زيد: مولاي وهيب، ففرض له عثمان ألفا.
و كان زيد عثمانيا، و لم يشهد مع على شيئا من حروبه، و كان يظهر فضل على و تعظيمه.
روى عنه من الصحابة: ابن عمر، و أبو سعيد، و أبو هريرة، و أنس، و سهل بن سعد، و سهل بن حنيف، و عبد الله بن يزيد الخطميّ، و من التابعين: سعيد بن المسيب، و القاسم بن محمد، و سليمان بن يسار، و أبان بن عثمان، و بسر بن سعيد، و خارجة، و سليمان ابنا زيد بن ثابت، و غيرهم....
و توفى سنة خمس و أربعين، و قيل: اثنتان، و قيل: ثلاث و أربعون، و قيل: سنة إحدى و خمسين، و قيل: اثنتان، و قيل: خمس و خمسون، و صلّى عليه مروان بن الحكم، و لما توفى قال أبو هريرة اليوم مات حبر هذه الأمة، و عسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفا. و هو الّذي كتب القرآن في عهد أبى بكر و عثمان.[1]
المنبع:
أسدالغابة، ج 2، ص127
[1]أسدالغابة، ج 2، ص127