الزبیر بن العوام
هو أبو عبد اللّه الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ابن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي، الأسدي، المدني، و أمّه صفيّة بنت عبد المطلب عمّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هو ابن أخي السيّدة خديجة بنت خويلد زوجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
من كبار صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و من المهاجرين و المحاربين الشجعان. يدّعي العامة بأنّه من حواري النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و يزعمون بأنّه أحد العشرة المبشّرة بالجنّة، و يقال: إنّه أوّل من سلّ سيفا في اللّه تعالى.
أسلم في صباه، و هاجر إلى الحبشة و المدينة المنوّرة، و آخى النبي صلّى اللّه عليه و آله بينه و بين عبد اللّه بن مسعود، و بينه و بين سلمة بن سلامة. شهد مع النبي صلّى اللّه عليه و آله وقائع بدر و أحد و الخندق و ما بعدها من المشاهد. بعد وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله تبع الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و امتنع عن مبايعة أبي بكر بالخلافة. و في اليوم الذي هجم أعداء اللّه على دار فاطمة الزهراء عليها السّلام و أخرجوا الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بصورة مزرية أقبل الزبير سالا سيفه و هو يقول: يا معشر بني عبد المطلب أ يفعل هذا بعليّ و أنتم أحياء؟ و شدّ على عمر بن الخطاب ليضربه بالسيف، فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت ظهره و سقط السيف من يده. كان من جملة النفر القليل الذين شهدوا مراسم دفن فاطمة الزهراء عليها السّلام. شهد فتح مصر، و كان من جملة الستة الذين رشّحهم عمر للخلافة من بعده.
كان في بادئ أمره من أوائل المسلمين و المتفانين في سبيل الإسلام و النبي صلّى اللّه عليه و آله، و من المناصرين للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و لكن ختمت عاقبته بالوبال و الخسران، حيث اشترك في شنّ الحرب على خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصيّه و ابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمل بالبصرة، فكان من رءوس جيش عائشة و فلول عساكرها التي جاءت لمحاربة الإمام عليه السّلام. في يوم الجمل انفرد به الإمام عليه السّلام و قال له: أتذكر يا زبير إذ كنت أنا و أنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فنظر إليّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و ضحك و ضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: أ تحبّه يا زبير؟ فقلت: إنّي و اللّه لأحبّه، فقال صلّى اللّه عليه و آله لك: إنّك و اللّه ستقاتله و أنت له ظالم. فتذكّر الزبير ذلك و انصرف عن القتال نادما، فنزل بوادي السباع بالبصرة، فأتاه عمرو بن جرموز و قتله، و ذلك في العاشر من جمادى الأولى سنة 36 ه، و عمره يومئذ 67 سنة، و قيل: 66، و قيل: 64، و دفن بوادي السباع.
كان من الأثرياء المعروفين، ففي أيام عثمان بن عفان اقتنى الضياع و الدور، فشيّد قصرا ضخما بالبصرة، و ابتنى دورا بمصر و الكوفة و الإسكندرية.
بعد مقتله نظر الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام إلى رأسه و سيفه، فهزّ السيف و قال عليه السّلام: سيف طالما قاتل بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و آله، و لكن الحين و مصارع السوء. ثمّ تفرّس الإمام عليه السّلام في وجهه و قال عليه السّلام: لقد كان لك بالنبي صلّى اللّه عليه و آله صحبة و منه قرابة، و لكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد.
تنازع مع يهودي على بستان، فقال الزبير لليهودي: أنت ترضى بحكم ابن شيبة اليهودي؟ فقال اليهودي: و أنت ترضى بحكم محمّد؟ فنزلت في الزبير: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ»[1]
و أخبر عن اشتراكه و اشتراك طلحة في حرب الجمل قوله: «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ»[2]
و شمله قوله: «وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ»[3] قال الزبير: ما شعرت أنّ هذه الآية نزلت فينا إلّا يوم الجمل عند ما حاربنا عليا عليه السّلام.
كانت بينه و بين كعب بن مالك معاهدة أخوّة و صداقة، فلمّا جرح كعب في واقعة أحد صمّم الزبير إن مات كعب من جراحاته أن يرث أمواله، فنزلت فيه: «وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ»[4]
و يقال: شمله قوله تعالی: «وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ...»[5] .[6]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 393
[1]النساء: 60
[2]الاعراف: 40
[3]الانفال: 25
[4]الانفال: 75
[5]الحجر: 47
[6]أعلام القرآن، ص 393