الأنصاب
الأنصاب: الأصنام واحدها نصب و سمي ذلك لأنها كانت تنصب للعبادة لها و الانتصاب القيام.[1] قال تعالی:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»[2] .
و النصب قد يطلق بما يرادف الصنم، و قد يخصّ الصنم بما كانت له صورة، و النصب بما كان صخرة غير مصوّرة، مثل ذي الخلصة و مثل سعد. و الأصحّ أنّ النصب هو حجارة غير مقصود منها أنّها تمثال للآلهة، بل هي موضوعة لأنّ تذبح عليها القرابين و النسائك التي يتقرّب بها للآلهة و للجنّ، فإنّ الأصنام كانت معدودة و لها أسماء و كانت في مواضع معيّنة تقصد للتقرّب. و أمّا الأنصاب فلم تكن معدودة و لا كانت لها أسماء و إنّما كانوا- يتّخذها كلّ حيّ- يتقرّبون عندها، فقد روى أئمّة أخبار العرب أنّ العرب كانوا يعظّمون الكعبة، و هم ولد إسماعيل، فلمّا تفرّق بعضهم و خرجوا من مكة عظم عليهم فراق الكعبة فقالوا: الكعبة حجر، فنحن ننصب في أحيائنا حجارة تكون لنا بمنزلة الكعبة، فنصبوا هذه الأنصاب ، و ربما طافوا حولها، و لذلك يسمّونها الدّوار- بضمّ الدال المشدّدة و بتشديد الواو- و يذبحون عليها الدماء المتقرّب بها في دينهم. و كانوا يطلبون لذلك أحسن الحجارة. فالنصب حجارة أعدّت للذبح و للطواف على اختلاف عقائد القبائل: مثل حجر الغبغب الذي كان حول العزّى. و كانوا يذبحون على الأنصاب و يشرّحون اللحم و يشوونه، فيأكلون بعضه و يتركون بعضا للسدنة، و في حديث فتح مكّة:كان حول البيت ثلاثمائة و نيّف و ستّون نصبا، و كانوا إذا ذبحوا عليها رشّوها بالدم و رشّوا الكعبة بدمائهم. و قد كان في الشرائع القديمة تخصيص صخور لذبح القرابين عليها، تمييزا بين ما ذبح تديّنا و بين ما ذبح للأكل، فمن ذلك صخرة بيت المقدس، قيل: إنّها من عهد إبراهيم و تحتها جبّ يعبّر عنها ببئر الأرواح، لأنّها تسقط فيها الدماء، و الدم يسمّى روحا. و من ذلك فيما قيل: الحجر الأسود كان على الأرض ثم بناه إبراهيم في جدر الكعبة. و منها حجر المقام، في قول بعضهم. فلما اختلطت العقائد في الجاهلية جعلوا هذه المذابح لذبح القرابين المتقرّب بها للآلهة و للجنّ.[3]
المنابع:
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 3، ص 370
التحرير و التنوير، ج 5، ص 25
[1]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 3، ص 370
[2]المائدة: 90
[3]التحرير و التنوير، ج 5، ص 25