بهلول النباش
المجموعات : الأشخاص

بهلول النباش

هو بهلول بن ذؤيب النبّاش.

نزلت فيه الآیة 135 من سورة آل عمران: «وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» و سببها هو في أحد الأيام دخل معاذ بن جبل على النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه! إنّ بالباب شابّا طري الجسد نقيّ اللون حسن الصورة يبكي بكاء الثكلى يريد الدخول عليك، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: أدخله، فأدخله معاذ، فسلّم الشاب على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فردّ عليه السّلام و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك؟ فقال بهلول: و كيف لا أبكي و قد ارتكبت ذنوبا إن أخذني اللّه عزّ و جلّ ببعضها أدخلني نار جهنم، و لا أراني إلّا سيأخذني بها، و لا يغفر لي أبدا، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: هل أشركت باللّه شيئا؟ قال بهلول: أعوذ باللّه أن أشرك بربّي شيئا، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: أ قتلت النفس التي حرّم اللّه؟ قال: لا، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يغفر اللّه ذنوبك و إن كانت مثل الجبال الرواسي، قال بهلول: فإنّها أعظم من الجبال الرواسي، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يغفر اللّه لك ذنوبك و إن كانت مثل الأرضين السبع و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق. ....

قال بهلول: بلى! أخبرك، إنّي كنت أنبش القبور سبع سنين، أخرج الأموات و أنزع أكفانهم، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار، فلما حملوها إلى قبرها و دفنوها و انصرف عنها أهلها و جنّ الليل أتيت قبرها فنبشته و استخرجتها، و نزعت ما كان عليها من أكفان و تركتها مجرّدة على شفير قبرها و انصرفت. فأتاني الشيطان و قال لي: أ ما ترى بطنها و بياضها؟ أ ما ترى وركيها؟ فلم يزل يذكر مفاتنها حتى أغراني، فرجعت إليها و لم أملك نفسي حتى جامعتها، ثم تركتها في مكانها، فإذا أنا بصوت من خلفي يقول: يا شاب! الويل لك، كنت مستورة ففضحتني، و كنت طاهرة فنجّستني، فضحك اللّه في الملإ الأعلى كما فضحتني في الملإ الأسفل، و خصمك الديّان يوم القيامة. ثم استطرد بهلول قائلا: يا نبي اللّه فما أظن أنّي أشم رائحة الجنة أبدا، فما ترى يا رسول اللّه؟

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: تنح عني يا فاسق، إنّي أخاف أن أحترق بنارك، فما أقربك من النار. و بعد تلك المحاورة انصرف عن النبي صلّى اللّه عليه و آله يائسا، و قصد بعض جبال المدينة و استقرّ فيها بعد أن غلّ يديه إلى عنقه، و كان يقضي أوقاته بالبكاء و العويل و ينادي: يا رب! هذا عبدك بهلول بين يديك، يعلن ندمه و توبته و استغفاره. و لم يزل يبكي و يتضرّع إلى اللّه سبحانه أربعين ليلة، فنزلت الآية المذكورة.[1]

المنبع:

أعلام القرآن، ص198

 

[1]أعلام القرآن، ص198