غزوة بنی قريظة
المجموعات : الغزوات

غزوة بني قریظة

هي غزوة قادها النبي صلی الله علیه و آله في السنة الخامسة للهجرة علی یهود بني قریظة في المدینة المنورة انتهت بإستسلام بني قریظة بشرط التحکیم، فحکم علیهم سعد بن معاذ الذي طلب بنو قریظة من رسول الله أن یحکمه فیهم لأنه کان حلیفاً لهم في الجاهلیة فحکم فیهم بقتل الرجال و سبي الذراري و تقسیم أموالهم و أراضیهم علی المسلمین.

السبب کان غدر بني قریظة بالمسلمین في معرکة الخندق رغم العهود و المواثیق التي کانت بین المسلمین و بني قریظة و هجومهم علی نساء المسلمین أثناء انشغال المسلمین في حمایة المدینة حول الخندق و محاولتهم فتح ثغرة لتمر الأحزاب لداخل المدنیة و القضاء التام علی المسلمین.[1]

[قصة غزوة بني قریظة علی ما جاء في السیرة النبوية لإبن هشام]:

(أمر الله لرسوله على لسان جبريل بحرب بنى قريظة):

فلما كانت الظّهر، أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما حدثني الزّهرى، معتجرا بعمامة من إستبرق، على بغلة عليها رحالة، عليها قطيفة من ديباج، فقال: أ و قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، و ما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله عزّ و جلّ يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة، فانى عامد إليهم فمزلزل بهم. فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذّنا، فأذّن في الناس: من كان سامعا مطيعا، فلا يصلّين العصر إلا ببني قريظة. و استعمل على المدينة ابن أمّ مكتوم، فيما قال ابن هشام.

قال ابن إسحاق: و قدّم رسول الله صلى الله عليه و سلم عليّ بن أبى طالب برايته إلى بنى قريظة، و ابتدرها الناس. فسار عليّ بن أبى طالب، حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه و سلم، فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم بالطريق، فقال: يا رسول الله، لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث، قال: لم؟ أظنك سمعت منهم لي أذى؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا. فلما دنا رسول الله صلى الله عليه و سلم من حصونهم. قال: يا إخوان القردة، هل أخزاكم الله و أنزل بكم نقمته؟ قالوا: يا أبا القاسم، ما كنت جهولا.

(سأل الرسول عمن مرّ بهم فقيل دحية فعرف أنه جبريل):

و مرّ رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفر من أصحابه بالصّورين قبل أن يصل إلى بنى قريظة، فقال: هل مرّ بكم أحد؟ قالوا: يا رسول الله، قد مرّ بنا دحية بن خليفة الكلبي، على بغلة بيضاء عليها رحالة، عليها قطيفة ديباج. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ذلك جبريل، بعث إلى بنى قريظة يزلزل بهم حصونهم، و يقذف الرعب في قلوبهم. و لما أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بنى قريظة: نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم، يقال لها بئر أنا. قال ابن هشام: بئر أنّى.

(تلاحق المسلمين بالرسول):

قال ابن إسحاق: و تلاحق به الناس، فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة، و لم يصلوا العصر، لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا يصلينّ أحد العصر إلا ببني قريظة، فشغلهم ما لم يكن منه بدّ في حربهم، و أبوا أن يصلّوا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: حتى تأتوا بنى قريظة. فصلّوا العصر بها، بعد العشاء الآخرة، فما عابهم الله بذلك في كتابه، و لا عنّفهم به رسول الله صلى الله عليه و سلم. حدثني بهذا الحديث أبى إسحاق بن يسار، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري.

(حصارهم و مقالة كعب بن أسد لهم):

قال: و حاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم خمسا و عشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، و قذف الله في قلوبهم الرعب.

و قد كان حيىّ بن أخطب دخل مع بنى قريظة في حصنهم، حين رجعت عنهم قريش و غطفان، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه. فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب ابن أسد لهم: يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، و إني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم، قالوا: و ما هي؟ قال: نتابع هذا الرجل و نصدّقه فو الله لقد تبيّن لكم أنه لنبىّ مرسل، و أنه للذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون على دمائكم و أموالكم و أبنائكم و نسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التّوراة أبدا، و لا نستبدل به غيره، قال: فإذا أبيتم عليّ هذه، فهلمّ فلنقتل أبناءنا و نساءنا، ثم نخرج إلى محمد و أصحابه رجالا مصلتين السيوف، لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا و بين محمد، فان نهلك نهلك، و لم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، و إن نظهر فلعمري لنجدنّ النساء و الأبناء، قالوا: نقتل هؤلاء المساكين! فما خير العيش بعدهم؟ قال: فان أبيتم عليّ هذه، فان اللّيلة ليلة السبت، و إنه عسى أن يكون محمد و أصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا لعلّنا نصيب من محمد و أصحابه غرّة، قالوا: نفسد سبتنا علينا، و نحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ! قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.

(أبو لبابة و توبته):

قال: ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم: أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، أخا بنى عمرو بن عوف، و كانوا حلفاء الأوس، لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه و سلم إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، و جهش إليه النساء و الصبيان يبكون في وجهه، فرقّ لهم، و قالوا له: يا أبا لبابة! أ ترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، و أشار بيده إلى حلقه، إنه الذبح. قال أبو لبابة: فول الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ثم انطلق أبو لبابة على وجهه و لم يأت رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده. و قال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عليّ مما صنعت، و عاهد الله: أن لا أطأ بنى قريظة أبدا، و لا أرى في بلد خنت الله و رسوله فيه أبدا.

(ما نزل في خيانة أبى لبابة):

قال ابن هشام: و أنزل الله تعالى في أبى لبابة، فيما قال سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن عبد الله بن أبى قتادة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا الله وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (الأنفال:27)

(موقف الرسول من أبى لبابة و توبة الله عليه):

قال ابن إسحاق: فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم خبره، و كان قد استبطأه، قال: أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، فأما إذ قد فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه. قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط: أنّ توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم من السّحر، و هو في بيت أمّ سلمة.

فقالت أمّ سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم من السّحر و هو يضحك. قالت: فقلت: ممّ تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنّك، قال: تيب على أبى لبابة، قالت: قلت: أ فلا أبشّره يا رسول الله؟ قال: بلى، إن شئت. قال: فقامت على باب حجرتها، و ذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب، فقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك. قالت: فثار الناس إليه ليطلقوه فقال: لا و الله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الّذي يطلقني بيده، فلما مرّ عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.

(ما نزل في التوبة على أبى لبابة):

قال ابن هشام: أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ستّ ليال. تأتيه امرأته في كلّ وقت صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، فيما حدثني بعض أهل العلم و الآية التي نزلت في توبته قول الله عزّ و جلّ: «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ» (التوبة:109)....

(نزول بنى قريظة على حكم الرسول و تحكيم سعد):

قال: فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه و سلم، فتواثبت الأوس، فقالوا: يا رسول الله، إنهم موالينا دون الخزرج، و قد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت- و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل بنى قريظة قد حاصر بنى قينقاع، و كانوا حلفاء الخزرج، فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أبىّ بن سلول، فوهبهم له- فلما كلّمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: فذاك إلى سعد بن معاذ. و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها رفيدة، في مسجده، كانت تداوى الجرحى، و تحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب. فلما حكّمه رسول الله صلى الله عليه و سلم في بنى قريظة، أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطّئوا له بوسادة من أدم، و كان رجلا جسيما جميلا، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هم يقولون: يا أبا عمرو، أحسن في مواليك، فان رسول الله صلى الله عليه و سلم إنّما ولاك ذلك لتحسن فيهم، فلما أكثروا عليه قال: لقد أنى لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بنى عبد الأشهل، فنعى لهم رجال بنى قريظة، قبل أن يصل إليهم سعد، عن كلمته التي سمع منه. فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: قوموا إلى سيّدكم- فأما المهاجرون من قريش، فيقولون: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم الأنصار، و أما الأنصار، فيقولون: قد عمّ بها رسول الله صلى الله عليه و سلم- فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ولّاك أمر مواليك لتحكم فيهم، فقال سعد بن معاذ: عليكم بذلك عهد الله و ميثاقه، أنّ الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا: نعم: و على من ها هنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هو معرض عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: نعم، قال سعد: فانى أحكم فيهم أن تقتل الرجال، و تقسّم الأموال، و تسبى الذراري و النساء.

(رضاء الرسول بحكم سعد):

قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمرو ابن سعد بن معاذ، عن علقمة بن وقّاص اللّيثي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

(سبب نزول بنى قريظة على حكم سعد في رأى ابن هشام):

قال ابن هشام: حدثني بعض من أثق به من أهل العلم: أن عليّ بن أبى طالب صاح و هم محاصرو بنى قريظة: يا كتيبة الإيمان، و تقدّم هو و الزّبير بن العوّام، و قال: و الله لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم، فقالوا: يا محمد، ننزل على حكم سعد بن معاذ.

(مقتل بنى قريظة):

قال ابن إسحاق: ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة في دار بنت الحارث، امرأة من بنى النّجّار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى سوق المدينة، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، يخرج بهم إليه أرسالا، و فيهم عدوّ الله حيىّ بن أخطب، و كعب بن أسد، رأس القوم، و هم ستّ مائة أو سبع مائة، و المكثّر لهم يقول: كانوا بين الثمان مائة و التسع مائة. و قد قالوا لكعب بن أسد، و هم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسالا: يا كعب، ما تراه يصنع بنا؟ قال: أ في كلّ موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، و أنه من ذهب به منكم لا يرجع؟ هو و الله القتل! فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه و سلم.....

(قتل من نسائهم امرأة واحدة):

قال ابن إسحاق: و قد حدثني محمد بن جعفر بن الزّبير، عن عروة بن الزّبير، عن عائشة أمّ المؤمنين أنها قالت: لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة. قالت: و الله إنها لعندي تحدّث معى، و تضحك ظهرا و بطنا، و رسول الله صلى الله عليه و سلم يقتل رجالها في السّوق، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا و الله قالت: قلت لها: ويلك، مالك؟ قالت: أقتل، قلت: و لم؟ قالت: لحدث أحدثته، قالت: فانطلق بها، فضربت عنقها، فكانت عائشة تقول: فو الله ما أنسى عجبا منها، طيب نفسها، و كثرة ضحكها، و قد عرفت أنها تقتل.

قال ابن هشام: و هي التي طرحت الرّحا على خلّاد بن سويد، فقتلته.....

(قسم في ء بنى قريظة):

قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قسّم أموال بنى قريظة و نساءهم و أبناءهم على المسلمين، و أعلم في ذلك اليوم سهمان الخيل و سهمان الرجال، و أخرج منها الخمس، فكان للفارس ثلاثة أسهم، للفرس سهمان و لفارسه سهم، و للراجل، من ليس له فرس، سهم. و كانت الخيل يوم بنى قريظة ستة و ثلاثين فرسا، و كان أوّل في ء وقعت فيه السّهمان، و أخرج منها الخمس، فعلى سنتها و ما مضى من رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها وقعت المقاسم، و مضت السنّة في المغازي.

ثم بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سعد بن زيد الأنصاريّ أخا بنى عبد الأشهل بسبايا من سبايا بنى قريظة إلى نجد، فابتاع لهم بها خيلا و سلاحا......

(شأن ريحانة):

قال: و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة، إحدى نساء بنى عمرو بن قريظة، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى توفّى عنها و هي في ملكه، و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم عرض عليها أن يتزوّجها، و يضرب عليها الحجاب، فقالت: يا رسول الله، بل تتركني في ملكك، فهو أخفّ عليّ و عليك، فتركها. و قد كانت حين سباها قد تعصّت بالإسلام، و أبت إلا اليهوديّة، فعزلها رسول الله صلى الله عليه و سلم، و وجد في نفسه لذلك من أمرها. فبينا هو مع أصحابه، إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال: إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة، فجاءه فقال يا رسول الله، قد أسلمت ريحانة، فسرّه ذلك من أمرها.

(ما نزل في الخندق و بنى قريظة):

قال ابن إسحاق: و أنزل الله تعالى في أمر الخندق، و أمر بنى قريظة من القرآن، القصّة في سورة الأحزاب، يذكر فيها ما نزل من البلاء، و نعمته عليهم، و كفايته إياهم حين فرّج ذلك عنهم، بعد مقالة من قال من أهل النفاق: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها، وَ كانَ الله بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً» (الأحزاب:9) و الجنود قريش و غطفان و بنو قريظة، و كانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة. يقول الله تعالى: إِذْ جاؤُكُمْ من فَوْقِكُمْ وَ من أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ، وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا» (الأحزاب:10) فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة، و الذين جاءوهم من أسفل منهم قريش و غطفان. يقول الله تبارك و تعالى: «هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً، وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا الله وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً» (الأحزاب:11 و 12) لقول معتّب بن قشير إذ يقول ما قال. «وَ إِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً» (الأحزاب:10) لقول أوس بن قيظى و من كان على رأيه من قومه «و لو دخلت عليهم من أقطارها»: أي المدينة.....

قال ابن إسحاق: ...لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَ كَفَى الله الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَ كانَ الله قَوِيًّا عَزِيزاً. وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ من أَهْلِ الْكِتابِ (الأحزاب:25 و 26) أي بنى قريظة ....

(وفاة سعد بن معاذ و ما ظهر مع ذلك):

قال ابن إسحاق: فلما انقضى شأن بنى قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه، فمات منه شهيدا.

قال ابن إسحاق: حدثني معاذ بن رفاعة الزّرقيّ، قال: حدثني من شئت من رجال قومي: أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد، من هذا الميّت الّذي فتحت له أبواب السماء، و اهتزّ له العرش؟ قال: فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم سريعا يجرّ ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات....

قال ابن إسحاق: و حدثني من لا أتهم عن الحسن البصري، قال: كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خفّة، فقال رجال من المنافقين: و الله إن كان لبادنا، و ما حملنا من جنازة أخفّ منه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال: إنّ له حملة غيركم، و الّذي نفسي بيده، لقد استبشرت الملائكة بروح سعد، و اهتزّ له العرش. ...

(شهداء المسلمين يوم بنى قريظة):

قال ابن إسحاق: و استشهد يوم بنى قريظة من المسلمين، ثم من بنى الحارث بن الخزرج: خلّاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو، طرحت عليه رحى، فشدخته شدخا شديدا، فزعموا أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إن له لأجر شهيدين.

و مات أبو سنان بن محصن بن حرثان، أخو بنى أسد بن خزيمة، و رسول الله صلى الله عليه و سلم محاصر بنى قريظة، فدفن في مقبرة بنى قريظة التي يدفنون فيها اليوم، و إليه دفنوا أمواتهم في الإسلام....[2]

المنابع:

السيرةالنبوية،ج 2،ص233 -254

المغازي،ج 2،ص496

الكامل،ج 2،ص185

الموسوعة الحرة(ویکیبیدیا)

 

[1]المغازي،ج 2،ص496،الكامل،ج 2،ص185، السيرةالنبوية،ج 2،ص233، الموسوعة الحرة(ویکیبیدیا)

[2]السيرةالنبوية،ج 2،ص233 -254