بشر المنافق
بشر بن الحارث و هو أبيرق بن عمرو بن حارثة بن الهيثم بن ظفر الأنصاري الظفري، شهد أحدا هو و أخواه مبشر و بشير، فأما بشير فهو الشاعر، و كان منافقا يهجو أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و شهد مع أخويه بشر و مبشّر أحدا و كانوا أهل حاجه: فسرق بشير من رفاعة بن زيد درعه، ثم ارتدّ في شهر ربيع الأول من سنة أربع من الهجرة، و لم يذكر لبشر هذا نفاق و الله أعلم.[1]
أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله بن على و غير واحد، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى الترمذي، قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن أبى شعيب أبو مسلم الحراني، أخبرنا محمد بن سلمة الحراني، أخبرنا محمد ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق: بشر و بشير و مبشر، و كان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب النبي صلّى الله عليه و سلم، ثم ينحله بعض العرب، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلم ذلك الشعر، قالوا: و الله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث، و كانوا أهل بيت حاجة و فاقة في الجاهلية و الإسلام، و كان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر و الشعير، و كان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدّرمك ابتاع الرجل منها فخص نفسه، فأما العيال فإنما طعامهم التمر و الشعير.
فقدمت ضافطة فابتاع عمى رفاعة بن زيد حملا من الدرمك، فجعله في مشربة له، و في المشربة سلاح فعدى عليه من تحت الليل، فنقبت المشربة، و أخذ السلاح و الطعام، فلما أصبح أتانى عمى رفاعة فقال: يا ابن أخى، إنه قد عدي علينا ليلتنا هذه، فنقبت مشربتنا و ذهب بطعامنا و سلاحنا، فتحسّسنا الدور، فقيل لنا: قد رأينا بنى أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، و لا نرى إلا على بعض طعامكم قال قتادة: فأتيت رسول الله صلّى الله عليه و سلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمى رفاعة بن زيد، فنقبوا مشربة له و أخذوا سلاحه و طعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: سآمر في ذلك. فلما سمع بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له: أسير بن عروة، فكلموه، فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار، فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان و عمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام يرمونهم بالسرقة.
قال قتادة: فأتيت رسول الله صلّى الله عليه و سلم فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام و صلاح ترميهم بالسرقة! قال: فرجعت و لوددت أنى أخرج من بعض مالي: و لم أكلم رسول الله، فقلت لعمى ذلك، فقال: الله المستعان. و أنزل الله تعالى: «إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ الله وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً» (النساء/105) بنى أبيرق (و استغفر الله) مما قلت لقتادة ابن النعمان.[2]
المنابع:
الاستيعاب، ج 1، ص171
أسدالغابة، ج 2، ص75-76
[1]الاستيعاب، ج 1، ص171
[2]أسدالغابة، ج 2، ص75-76