أهل الشورى
لمّا طعن عمر اجتمع إليه الناس و سألوه عمّن يتولى بعده، فجعل الأمر شورى- و الشّورى في اللغة: هي المشاورة- و معنى هذا: أنّ عمر لمّا أحسّ بالموت نظر فيمن يعهد إليه و يوليه أمر الأمّة، فلم يصحّ رأيه في رجل واحد. فجعلها في ستّة من أكابر الصّحابة، و هم أصحاب الشورى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام و عثمان بن عفّان، و طلحة، و الزّبير و عبد الرحمن بن عوف، و سعد بن أبي وقّاص و قال: كلّ من هؤلاء صالح للأمر بعدي. و أمرهم أن يتشاوروا ثلاثة أيّام، ثم يجمعوا على واحد من هؤلاء الستة. و كان طلحة غائبا، فقال عمر: إن قدم طلحة قبل الأيام الثلاثة و إلا فأمضوا أمركم. و أقام عليهم رجلا من الأنصار و قال: إنّ الله أعزّ بكم الإسلام فاختر خمسين رجلا من الأنصار، و استحثّ هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا. و قال: إن اجتمعوا خمسة و رضوا واحدا منهم و أبى واحد فاشدخ رأسه بالسّيف. و إن اتّفق أربعة و أبى اثنان فاضرب رأسيهما، و إن رضي ثلاثة منهم رجلا فحكّموا عبد الله بن عمر- يعني ابنه- فبأيّ الفريقين حكم فليختاروا رجلا منهم- و كان قد أمر بحضور ابنه في ذلك المقام مشيرا و لم يجعل له من الأمر شيئا- فإن لم تختاروا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، و اقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس» فلم يجر ممّا قال شي ء، بل لمّا مات بويع عثمان بن عفّان و كان من الأمر ما كان.[1]
المنابع:
الفخرى (لابن الطقطقى) ص101
تاريخ اليعقوبى، ج 2، ص162
[1]الفخرى (لابن الطقطقى) ص101، تاريخ اليعقوبى، ج 2، ص162