النجاشى
المجموعات : الأشخاص

النجاشي

هو النجاشي أصحمة، و قيل: صحمة، و قيل: صمحة بن أبحر، و النجاشي لقب لملوك الحبشة، أو تعني الملك بلغة الأحباش، و أصحمة معناها: عطية.

من أعاظم ملوك الحبشة، عرف بالتواضع و الخشوع لله تعالى، و كان متدينا، عادلا، نصراني الديانة.

لما اشتد الضغط و التعسف من قبل قريش و المشركين على المسلمين إبان الدعوة الإسلامية أمر النبي صلى الله عليه و آله المسلمين بالهجرة إلى الحبشة؛ ليخلصوا من كيد الكفار، و أرسل إليه كتابا حمله إليه جعفر بن أبي طالب عليه السلام يدعوه إلى الإسلام، فلما تسلم الكتاب من جعفر عليه السلام وضعه على عينه، و نزل من سريره، و جلس على الأرض تواضعا، ثم أسلم على يد جعفر عليه السلام، و شهد الشهادتين، و كتب رسالة إلى النبي صلى الله عليه و آله و أعطاها إلى جعفر، تتضمن تصديقه بالنبي صلى الله عليه و آله و إسلامه على يد جعفر عليه السلام، و إليك نص رسالة النبي صلى الله عليه و آله إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى و آمن بالله و رسوله، و شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا صلى الله عليه و آله عبده و رسوله، و أدعوك بدعاية الله، فإني رسوله، فأسلم تسلم يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن أبيت فعليك إثم النصارى قومك».

و جاء نص رسالة النبي صلى الله عليه و آله إليه على الوجه التالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة، إني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، و أشهد أن عيسى بن مريم روح الله، و كلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة فحملت بعيسى، و إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، و أن تتبعني و تؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله، و قد بعثت إليك ابن عمي جعفرا و معه نفر من المسلمين، و السلام على من اتبع الهدى».

و بعد أن قرأ رسالة النبي صلى الله عليه و آله أجاب عليها بالجواب التالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي، سلام عليك يا نبي الله و رحمة الله و بركاته، الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، أما بعد، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فو رب السماء و الأرض إن عيسى ما زاد على ما ذكرت، و إنه كما قلت، و قد عرفنا ما بعثته إلينا، و قدم ابن عمك و أصحابه، و أشهد أنك رسول الله، و قد بايعتك و بايعت ابن عمك، و أسلمت على يديه لله رب العالمين، و قد بعثت إليك بابني، و إن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته».

و لما استقر المسلمون بالحبشة، و آمنوا من كيد قريش و المشركين، و شملتهم رعاية النجاشي و إحسانه، أرسلت قريش كلا من عمرو بن العاص و عبد الله بن أبي أمية إلى النجاشي، و حملاهما هدايا إليه و إلى أعيان دولته، فلما دخلا على النجاشي و قدما الهدايا قالا: إن جماعة من سفهاء قومنا فارقوا دين آبائهم و قومهم، و جاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن و لا أنتم، و طلبوا من النجاشي تسليمهم إليهما، فلما سمع النجاشي مقالتهم غضب و قال: لا و الله لا أسلم قوما جاوروني و نزلوا بلادي، و اختاروني على من سواي، انطلقا و الله لا أسلمهم إليكما أبدا.

عن طريقه تزوج النبي صلى الله عليه و آله من أم حبيبة بنت أبي سفيان عند ما كانت في الحبشة، و ذلك سنة 6 و قيل: سنة 7.

توفي في الحبشة في شهر رجب سنة 9 فأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه و آله بوفاته، فبكى النبي صلى الله عليه و آله بكاء شديدا، و حزن عليه، و قال لأصحابه: «قد مات اليوم عبد صالح يقال له: أصحمة، فقوموا و صلوا عليه» أو قال صلى الله عليه و آله: «قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي».

القرآن العزيز و النجاشي :

نزلت فيه الآية 68 من سورة: «إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا ...»[1] . لما أمر النبي صلى الله عليه و آله أصحابه بالصلاة على النجاشي قال بعضهم: تأمرنا أن نصلي على علج من الحبشة، فنزلت الآية 199 من نفس السورة.

و نزلت فيه: «و لو أنهم أقاموا التوراة و الإنجيل و ما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم ...»[2] . و نزلت فيه و في أصحابه: «ذلك بأن منهم قسيسين و رهبانا»[3] .[4]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 973

 

[1]آل عمران: 68

[2]المائدة: 66

[3]المائدة: 82

[4]أعلام القرآن، ص 973