أصحاب العقبة
العَقبة: الطريق الوعر في الجبل.[1] و أصحاب العقبة یراد به أحد صنفین:
الاول: قد یطلق أصحاب العقبة أو اهل العقبة و یراد به اهل بیعة العقبة بمنی و هم عدة من الأنصار بایعوا النبی صلی الله علیه و آله على السّمع و الطّاعة في النشاط و الكسل، و على النّفقة في العسر و اليسر، و على الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر و غیر ذلک. و البیعة فی العقبة بمنی اثنان؛ البیعة الاولی و أصحابها اثنا عشر رجلا، و البیعة الثانیة و أصحابها سبعون رجلا و إمرأة او إمرأتان. و وقعت کلتاهما بمکة قبل الهجرة.[2]
و الیهم اشیر فی بعض الآیات القرآنیة ففی قوله تعالی: «وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ»[3] قيل معناه قبل إيمان المهاجرين و المراد به أصحاب ليلة العقبة و هم سبعون رجلا بايعوا رسول الله ص على حرب الأبيض و الأحمر.[4]
الثانی: و قد یراد باصحاب العقبة إثنا عشر رجلا من المنافقین الذین قصدوا النبی صلی الله علیه و آله لیفتکوا به لیلا عند منصرفه من تبوک فلم یقدروا علی ذلک.
و اشارت الی قصتهم بعض الآیات ففی قوله تعالی: «لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ»[5] قيل أراد بالفتنة الفتك بالنبي صلی الله علیه و آله في غزوة تبوك ليلة العقبة و كانوا اثني عشر رجلا من المنافقين وقفوا على الثنية ليفتكوا بالنبي عن سعيد بن جبير و ابن جريج «وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ» أي احتالوا في توهين أمرك و إيقاع الاختلاف بين المؤمنين و في قتلك بكل ما أمكنهم فيه فلم يقدروا عليه.[6]
و فی قوله تعالی: «يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ»[7]
قيل نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلی الله علیه و آله عند رجوعه من تبوك فأخبر جبريل رسول الله صلی الله علیه و آله بذلك و أمره أن يرسل إليهم و يضرب وجوه رواحلهم و عمار كان يقود دابته و حذيفة يسوقها فقال لحذيفة اضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحاهم فلما نزل قال لحذيفة من عرفت من القوم قال لم أعرف منهم أحدا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله إنه فلان و فلان حتى عدهم كلهم فقال حذيفة أ لا تبعث إليهم فتقتلهم فقال أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم عن ابن كيسان و روي عن أبي جعفر الباقر علیه السلام: مثله إلا أنه قال ائتمروا بينهم ليقتلوه .[8]
و فی قوله تعالی: «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا» [9]
قيل نزلت في أهل العقبة فإنهم ائتمروا في أن يغتالوا رسول الله ص في عقبة عند مرجعهم من تبوك و أرادوا أن يقطعوا أنساع راحلته ثم ينخسوا به فأطلعه الله تعالى على ذلك و كان من جملة معجزاته لأنه لا يمكن معرفة مثل ذلك إلا بوحي من الله تعالى فسار رسول الله ص في العقبة و عمار و حذيفة معه أحدهما يقود ناقته و الآخر يسوقها و أمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي و كان الذين هموا بقتله اثني عشر رجلا أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيه عرفهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سماهم بأسمائهم واحدا واحدا عن الزجاج و الواقدي و الكلبي و القصة مشروحة في كتاب الواقدي. قال الباقر علیه السلام: كانت ثمانية منهم من قريش و أربعة من العرب.[10]
المنابع:
شمس العلوم و دواء كلام العرب من الكلوم، ج 7، ص 4641
تاريخ الإسلام، ج 1، ص 289 – 305
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 393
[1]شمس العلوم و دواء كلام العرب من الكلوم، ج 7، ص 4641
[2]تاريخ الإسلام، ج 1، ص 289 - 305
[3]الحشر: 9
[4]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 393
[5]التوبة: 48
[6]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 5، ص 56
[7]التوبة: 64 - 66
[8]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 5، ص 71
[9]التوبة: 74
[10]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 5، ص 79