أصحاب الصُّفّة
الصُفّة تعني في اللغة الصيفية المغطاة بسعف النخل. و هو المحل الذي هيأه النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لمجموعة من الغرباء الذين اعتنقوا الإسلام و لم يكن لديهم مأوى سوى المسجد. و هو الیوم مكان مرتفع قليلا عن الأرض في زاوية المسجد النبوی و قرب القبر الشريف حيث عزلت أطرافه بشكل جميل عن باقي المسجد.
أوّل شخص غريب اعتنق الإسلام و لم يكن يملك مكانا في المدينة هو شاب من أهل اليمامة يسمى (جويبر) حيث أن قصة زواجه الشهيرة مع (الذلفاء) تعتبر من أجمل حوادث محاربة الفواصل الطبقية في التاريخ الإسلامي. و قد سمح له الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم بالمبيت ليلا في المسجد، لأنّه لا يملك مكانا للاستراحة و السكن، و عند ما كثر عدد الغرباء- و كلهم سكن المسجد- أدى ذلك إلى وضع سلبي للمسجد، أمر الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم بإخراجهم من المسجد و تطهيره، و أغلقت أبواب بيوت الصحابة التي كانت شارعة إلى المسجد بأمر الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم ما عدا بيت علي و فاطمة عليهما السّلام. عندها أمر الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم بتسقيف مكان معين بسعف النخل ليكون محلا لسكن الغرباء و الفقراء، و كان بنفسه يزورهم و يعطيهم الماء و التمر و الخبز و المواد الغذائية الأخرى، و قام باقي المسلمين بالاهتمام بهم و مساعدتهم عن طريق الزكاة و أنواع الإنفاق الأخرى. و قد اشترك هؤلاء في المعارك الإسلامية و جاهدوا بإخلاص، و قد وردت بعض الآيات القرآنية لتذكر فضلهم و صفاءهم و طهرهم، و قد سمّوا بأصحاب الصفّة لأنّهم سكنوا تلك الصفّة.[1]
روی الطبری باسناده عن عمرو بن حريث و غيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة «وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ»[2] ذلك بأنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا.[3]
و روی الطبرسی فی قوله تعالی: « لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم »[4] عن أبی جعفر علیه السلام انها نزلت في أصحاب الصفة. و كذلك رواه الكلبي عن ابن عباس و هم نحو من أربعمائة رجل لم يكن لهم مساكن بالمدينة و لا عشائر يأوون إليهم فجعلوا أنفسهم في المسجد و قالوا نخرج في كل سرية يبعثها رسول الله فحث الله الناس عليهم و كان الرجل إذا أكل و عنده فضل أتاهم به إذا أمسى.[5]
المنابع:
جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 25، ص 19
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 666
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 15، ص 541
[1]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 15، ص 541
[2]الشوری: 27
[3]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 25، ص 19
[4]البقرة: 273
[5]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 666