الحيرة
المجموعات : الأمکنة

الحِیرة

مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النّجف زعموا أن بحر فارس كان يتّصل به، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن نصر ثم من لخم النعمان و آبائه.

و قيل: سمّيت الحيرة لأن تبّعا الأكبر لما قصد خراسان خلّف ضعفة جنده بذلك الموضع و قال لهم حيّروا به أي أقيموا به او انه لما أقبل بجيوشه فبلغ موضع الحيرة ضلّ دليله و تحيّر فسميت الحيرة.، و قال الزّجاجي: كان أول من نزل بها مالك بن زهير فلما نزلها جعلها حيرا و أقطعه قومه فسمّيت الحيرة بذلك.

و قال أبو المنذر هشام بن محمد: كان بدو نزول العرب أرض العراق و ثبوتهم بها و اتخاذهم الحيرة و الأنبار منزلا أنّ الله عزّ و جل أوحى إلى يوحنا أن ائت بخت نصّر فمره أن يغزو العرب فأقبل يوحنا من نجران حتى قدم على بخت نصر و هو ببابل فأخبره فوثب بخت نصر على من كان في بلاده من تجار العرب فجمع من ظفر به منهم و بنى لهم حيرا على النجف و حصّنه ثم جعلهم فيه و وكل بهم حرسا و حفظة...فأنزلهم السواد على شاطئ الفرات و ابتنوا موضع عسكرهم فسموه الأنبار، و خلّى عن أهل الحير فابتنوا في موضعه و سموها الحيرة لأنه كان حيرا مبنيّا، و ما زالوا كذلك مدة حياة بخت نصر، فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار و بقي الحير خرابا زمانا طويلا لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب و أهل الأنبار و من انضمّ إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب بمكانهم، فكان أول عمارة الحيرة في زمن بخت نصر ثم خربت الحيرة بعد موت بخت نصر و عمرت الأنبار خمسمائة سنة و خمسين سنة ثم عمرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي باتخاذه إياها مسكنا فعمرت الحيرة خمسمائة سنة و بضعا و ثلاثين سنة إلى أن عمرت الكوفة و نزلها المسلمون.[1]

روی فی نزول قوله تعالی: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ... بِغَيْرِ حِسابٍ»[2] أن النبي خط الخندق عام الأحزاب و قطع لكل عشرة أربعين ذراعا قال عمرو بن عوف كنت أنا و سلمان و... فحفرنا حتى إذا كنا بجب ذي ناب أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا ... فأخذ رسول الله المعول من يد سلمان فضربها به ضربة صدعها و برق منها برق أضاء ما بين لابتيها ... فقال سلمان بأبي أنت و أمي يا رسول الله لقد رأيت شيئا ما رأيت منك قط ... قال ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة و مدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها ... فقال المنافقون أ لا تعجبون يمنيكم و بعدكم الباطل و يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة و مدائن كسرى و أنها تفتح لكم و أنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق و لا تستطيعون أن تبرزوا فنزل القرآن «وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً»[3] و أنزل الله في هذه القصة «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ».[4]

المنابع:

مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 727

معجم البلدان،ج 2، ص 329

 

[1]معجم البلدان، ج 2، ص 329

[2]آل عمران: 26 - 27

[3]الاحزاب: 12

[4]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 727